حقوق المرأة معيار الحضارة
إن كل عمل انساني بحاجة للتقيم والتقدير ,والحضارة هي أرقى أشكال الفعل الانساني مند القدم ؛ نقلته من عالم الغاب إلى نورالعلم والمعرفة, ورسّخت علاقات أفراد المجتمع على أساس التعاون واحترام قوانين العيش المشترك لا على القوة, فبعدنا او قربنا من التحضر يُقاس بمقدار التزامنا بمعاييرها.
لعل أهم هذه المعايير هو: كيفيه تعامل الدوله والمجتمع مع الضعفاء فيه؛ كيف نحمي المريض والطفل واليتيم وكبار السن والعجزه وذوي الاحتياجات الخاصة والعاطلين عن العمل والمهجرين واللاجئين . هل نقدم لهم الضمان الصحي والعناية اللازمة وتعويض فقدان العمل ووسائل العيش الكريم التي تناسب حالاتهم.
الانسانيه هي فينا كلنا نساء ورجالا صغارا وكبارا, اقوياء وضعفاء. وهي متساوية لا توجد انسانية اقل او أكثرمن الأخرى.
لم اكن لأضع المرأة في خانة الضعفاء ابدا فالمرأة قوية تستطيع ان تعمل وتنتج وتبني, هي نصف المجتمع وعموده الأساسي ، لكن ضياع حقوقها في مجتمعاتنا, واستغلال البعد الديني والقبلي لهضم تلك الحقوق لهو دليل على التخلف والجهل فنحن في مجتمعاتنا نقطع احدى يدينا الاثنتين عندما نضع المرأة في هذه الخانة .
الإضعاف لدور المرأة يتم عن طريق منعها من العمل وهو اساس استقلاليتها وحريتها, ومنعها من التنقل كما تشاء, وحقها بالارث وحقوقها العائلية بالزواج المختار والإنجاب وحضانة الاطفال عند الطلاق وغيره. هذا الإضعاف هو بفعل المجتمع لا لكون المرأة ضعيفة في الأصل.
أنظمة الاستبداد في بلادنا والتي تتحكم فيها قلة مستغلة لحياة الملايين، حارمة إياهم حقوقهم ، سارقة ثمرات أعمالهم, هادرة حقوق المرأة والرجل على حد سواء, هم فقط رعايا عند السلطان او مصفقين للقائد الملهم .
الكفاح من اجل تحرر المجتمع ومطالبة الجميع بالحرية والكرامة والمواطنة هي الوسيلة الأجدى كي تستطيع المرأة ان تبدأ نضالا فاعلا للحصول على حقوقها المدنية والاجتماعية والسباسيه, فمجتمع المستعبدين لا يمكنه ان يهب أحدا شيئا ؛ أثمنها وأغلاها …… الحرية
احترام حقوق المرأة في العالم مبدأ أقرته الامم المتحدة في اتفاقية بكين عام 1995, ووضعت لذلك اثني عشر بندا تتناول كل مناحي الحياة , وقعت على تلك المعاهده 189 دوله وفيها طبعا جُلّ الدول العربيه والاسلاميه.
ينتظر الامين العام للامم المتحده أول تقرير عن تقدم تنفيذ هذه الحقوق هذا العام 2015, وقد استلم حتى الان تقارير العشرات من الدول. ونتساءل …. أين نحن من هذه الالتزامات وماذا فعلت حكوماتنا ودولنا مند عشرين عاما, وهل هناك من مطالب لتنفيذ هذه الالتزامات ؟
الاحتفال بفرنسا بالثامن من اذار هو بالاساس للتذكير بالنساء اللواتي ناضلن لتحصل المرأة الفرنسية على حقها في المساواة, وتذكرنا الصحافه بالفيلسوفه سيمون دو بوفوار والكاتبة فرانسواز ساجان والوزيره سيمون فيل, وبنضالهن في منتصف القرن الماضي لوضع قوانين تحمي حقوق المواطنه الفرنسيه وتساويها بالرجل. تقوم موسسات المجتمع المدني بمراقبة تنفيذ واحترام هذه القواعد والقوانين وتعمل على تطويرها ومنع عودتها الى الوراء.
في بلادنا يأتي هذا اليوم للتذكير بالوضع المأساوي الذي تعيشه نساؤنا , والذي هو جزء من الوضع الماساوي الذي تعيشه مجتمعاتنا برجاله ونسائه . نضال المرأة لا يتجزأ ولا ينفصل في هذه المرحله عن نضال الرجل وان كان أكثر صعوبة ومشقة. فالمرأة تناضل كالرجل للحصول على حقها بالمواطنة والخروج من تحت عباءة السلطان او القائد الملهم. كذلك تناضل من اجل مساواتها بالرجل والخروج من عباءة ولي الامر المفروض عليها قسرا بحجة الموروث من القيم والعادات للمجتمع.
المرأة باحتلالها موقع الأكثر مظلوميه في المجتمعات الفاقده للحرية مؤهله لتقود حقا هذه المجتمعات الى واحة الحرية. وأظن بان دورها المستقبلي في عالمنا العربي والإسلامي هو دور محوري.
لاحرية للرجل ولا لغيره دون حرية المرأة . فلندافع جميعا عن حرياتنا حتى نستطيع ان نبني معا مجتمعا عادلا قويا لا مكان فيه لقانون الغاب والذئاب.
نزار بدران
8/3/ 2015
للمزيد ابحث على الانتيرنت : تقرير الامم المتحده للموتمر العالمي الرابع للمراة ببكين المنعقد من 4 الى 15 ايلول 1995