أين قافلة الحرية القادمة من المشرق؟

11/06/2015

أين قافلة الحرية القادمة من المشرق؟
نزار بدران
تابعنا بشغف أنباء وتطورات رحلة أسطول الحرية التي انطلقت من اليونان،
ومناطق أوروبية أخرى، وضمت جمع من الشخصيات العربية والأوروبية
المتضامنة، لكسر حصار غزة رمزياً. توقعات المشاركين لاعتراض البحرية
الإسرائيلية لهم لم يكن ليفاجئهم، فلو أراد العدو الإسرائيلي الرضوخ للمطالب
الإنسانية، لفعل ذلك منذ زمن طويل، الهدف الأساسي إذن لهذه الحملة الجديدة هو
فضح السياسات الإسرائيلية، وزيادة عزلة إسرائيل، وإخراج الفكر الصهيوني من
منظومة الفكر الإنساني وربطه بالفكر العنصري، الذي حاربه الغرب بنجاح في
جنوب أفريقيا في تسعينات القرن الماضي ..
هذه الأشياء نعرفها جميعنا، وليست في حاجة للتفصيل والتمحيص، ولكن ما لا
يُذكر ويقال: هل من الغرب حقاً يجب أن تنطلق أساطيل وقوافل الحرية لفلسطين؟؟
أم الأحرى أن تنطلق هذه القوافل المحملة بالدعم من العواصم العربية؟. أليس
الأجدى أن تنطلق من قاهرة المعز، أو من بيروت ودمشق، أو من بغداد الرشيد،
أليس الأحرى أن يكون مُنطلقها الرياض وجدة والمنامة، الرباط أو حتى طهران
؟؟ .

إن من يفكر حقاً في إمكانية تحضير حملة كهذه من دولنا العربية، سيجد نفسه
في رمشة عين وراء القضبان لتهديده الأمن القومي، وتحريضه الواضح للإرهاب
وتحالفه مع أعتى المُتطرفين .
لقد بدأ العالم الغربي رحلته مع قضيتنا خلال الخمسينات من القرن الماضي،
بالدعم المُطلق لإسرائيل واحة الحرية والديمقراطية، وتطور إلى الوضع الراهن،
وهو بدأ الصحوة، تلك التي تترجمها بعض المواقف الرسمية للدول الأوروبية
ومواقفهم بالأمم المتحدة، وكذلك الاعتراف بفلسطين كدولة مراقبة وانضمامها
للهيئات التابعة للأمم المتحدة، ثم تبني البرلمانات الأوروبية لقرارات تطالب
بالاعتراف بدولة فلسطين، والأهم من ذلك هو التجاوب مع حملة المقاطعة
الاقتصادية لإسرائيل، والتي بدأت من ناشطي المجتمع المدني الفلسطيني في
أوروبا، على كل المستويات الشعبية والرسمية، حيث بدأ يظهر تأثيره في المواقف
الإسرائيلية، وردود فعل حكومة نتنياهو ..
في المقابل انتقلت الدول العربية من موقف المُعادي لإسرائيل والداعم
للفلسطينيين، إلى موقف المُتفرج على مآسيهم، والهدنة والصلح مع إسرائيل؛ وبعد
ذلك إلى موقف التحالف معها، والعداء الصارخ للفلسطينيين، كما نراه في حصار
غزة الخانق من قبل إسرائيل ومصر. أوروبا تسير إذن في الاتجاه المعاكس
لمسيرة الدول العربية، لهذا نرى أسطول الحرية يأتي قادماً من أوروبا وتركيا، ولا
نرى قوافل الشاحنات أو السيارات رباعية الدفع القادمة من صحراء الجزيرة
العربية، أو سيناء لدعم الفلسطينيين .

أمل المجتمع العربي كبير في أن تتغير السياسات الأوروبية، تجاوباً مع الرأي
العام لشعوبها، الداعم بشكل واضح للحق الفلسطيني، كما حدث مع جنوب أفريقيا.
هذا الرأي العام الذي ليس له أي وزن عند حكام دول العرب من محيطها إلى
خليجها .
كل التحية والاحترام لراكبي زوارق الحرية الذين يخاطرون بحياتهم، ليُثبتوا
للعالم عدالة قضية فلسطين وعنصرية إسرائيل, وليظهروا وبالأدلة الدامغة عُقم
أنظمة هذه البلاد المنكوبة بحكامها وبسلطاتها الاستبدادية، وانتهاء وانتفاء أي دور
لها في مسيرة التطور الطبيعي المجتمعي والسياسي والإنساني.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s