القدس العربي
الربيع الإيراني الحليف والمُنقذ
د. نزار بدران
لم يعد النموذج السوري فعالاً لمنع شعوب الدول العربية وإيران، من البقاء في حالة ذهول وشلل، بعد بدئهم للربيع الديمقراطي، لعام 2009 في إيران و 2010 في تونس. عنف الثورة المضادة اللامتناهي، قتل مئات الآلاف ودمر مدنناً بأكملها، وهجر وجوع الملايين، وأعاد لليمن وغيرها، زمن الأوبئة والكوليرا التي كنا قد اعتقدنا أنه ولى بلا رجعة.
استعملت الأنظمة المُستبدة، كل إمكانياتها العسكرية، وحصلت على الدعم بدون حدود من أنظمة المافيا الحاكمة في موسكو، أو الظلامية في إيران ومع تواطؤ الغرب الديمقراطي بشكل مفضوح، تحت ضغط اللوبي الصهيوني الواضح، وقد نجحت فعلياً في نقل الثورة، من وضعية التناقض بين الشعوب وأنظمتهما إلى حروب طائفية وعرقية ودينية وإدخال حركات إرهابية إسلامية شمولية الفكر كند بديل لها.
ولكننا مع ذلك، بدأنا برؤية ظواهر فشل الأنظمة وداعميها، وفشل فزاعة البديل الشمولي الإسلامي بعد وصولهم لآخر الشوط، وأبعد ما يمكن أن يعملوه، للبقاء على قلوب وصدور الناس، وفرض الاستبداد للأبد.
حراك الشارع الإيراني أخيراً، هو هدية السنة الجديدة، للشعب السوري وللشعوب المقهورة، هو عودة لأول حراك ديمقراطي في المنطقة العربية والإسلامية قبل ثماني سنوات، والذي وئد بقوة ألسلاح وأعمدة المشانق والسجون.
مهما كان مصير هذا الحراك، ودواعيه اللحظية، والأطراف الفاعلة فيه حالياً، إلا أنه يُعبر عن استحالة أن يقبل الشعب ألإيراني ذو الحضارة العريقة، الضاربة بالتاريخ، بأن تضيع ثرواته، وتُبدد آماله عندما قام بالثورة ضد الشاه عام 1979 أدراج الرياح، وأن يصبح وطن العلماء أمثال إبن سينا والفارابي، وطناً ظلامياً، يُجند أبناءه لقتل من يُطالبون بالحرية، في العراق وسوريا واليمن.
وإن نظرنا إلى مناطق أخرى، فإننا نرى بدء عودة الزهور للربيع ألعربي فحراك الشعب الكردي في السليمانية، ضد استبداد الأحزاب الكردية العراقية، وحراك مدينة جرادة في المغرب هذه الأيام، وقبله مدينة الحسيمة، يُظهر أن الشعوب، ترفض أن تُقسم بين طائفة وطائفة، ودين ودين، وجنس وجنس، ولكنها تضع من جديد، التناقض الرئيسي، في موضعه الصحيح، أي بين الظالم والمظلوم، والسالب والمسلوب، والحاكم المُستبد والشعب المقهور، وليس بين العربي والكردي، أو السني والشيعي، والمسلم والمسيحي، وابن الشمال وابن الجنوب.
هذا يعني عودة بوصلة الربيع العربي إلى الاتجاه السليم، كلنا أخوة مواطنون، لنا نفس الحقوق ونفس الواجبات، ولسنا طوائف وقبائل، تتذابح لبقاء أنظمة الظلم والاستعباد.
وما نراه من فشل على عبد الله صالح، بالعودة للسلطة في اليمن وانتهاء وجوده، وفشل السعودية بفرض إرادتها على ثورة هذا الشعب، واستمرار الحراك الديمقراطي البحراني والذي لم تدعمه سلطة طهران الدينية بعكس الحوثيين في اليمن أعداء الثورة رغم قرب البحرين من إيران وبعد اليمن، وتراجع حفتر الظاهر عن مشاريعه في ليبيا بعد فشلها، وقبوله بانتخابات حرة، إلا مظاهر أخرى، لعودة الأمل مهما كان صغيراً .
ثورة إيران المقبلة، هي أمل الربيع العربي، وخصوصاً الشعب السوري البطل، بنجاح ثورته، وستكون حليفة الشعوب العربية بوجه الظلم.
نحن ننظر الى اي تحرك شعبي باحترام ونعتبره من الحقوق الاساسية للتعبير عن مطالب مشروعة ، مع اننا في نفس الوقت نشفق على تحركات الشعوب من قمع الأنظمة الاستبدادية فهذه الأنظمة الظالمة لم يعد لديها ما تخسره ولذلك تقمع بعنف كل تحرك شعبي .
إعجابإعجاب