شرعية المؤسسات الرسمية الفلسطينية.

شرعية المؤسسات الرسمية الفلسطينية. نشر باورونيوز ديسمبر 2018
د.نزار بدران
صرح مؤخرا الرئيس محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية عن نيته اعتبار المجلس التشريعي الفلسطيني منتهي الصلاحيه، ولكن بدون تحديد الأسباب بشكل واضح ولا آليات انتخاب مجلس تشريعي جديد.
شرعية المجلس التشريعي وكذلك منصب الرئاسة مرتبط بالانتخابات الاخيره لكليهما والتي حصلت قبل سنوات طويلة. قد نتفهم التجديد التلقائي لمنصب الرئيس او منصب اعضاء المجلس في ظل الاحتلال واعائقته المفترضة لعقد انتخابات جديدة، لكن الواقع يظهر لنا ان العنصر الاساسي للتاخير هو الانقسامات الداخليه بالوسط السياسي الفلسطيني، وليس الشعب الفلسطيني، خصوصا بين السلطة الشرعية المعترف بها دوليا برام الله، وسلطة الحكومة المنبثقة عن آخر انتخابات تشريعية فلسطينيه عام 2006 المتواجدة بغزة والمسيطر عليها من قبل حركة حماس.
صعوبه التوافق بين الطرفين على إجراء انتخابات جديدة لا يبرره برائي إلا الضغوط الخارجية، خصوصا تلك الاقتصادية، فهذه الاطراف الدولية لا تود على ما يظهر تجذير التجربه الديمقراطيه الفلسطينية، مبقية الشعب الفلسطيني تحت سيطرة نظام سياسي يتغطى بالشرعية الشكلية، وفهم كل طرف سياسي فلسطيني وتحليله لها، ولكن خصوصا بناء على ارتباطاته العربيه والدولية، امريكا، دول الخليج ،مصر، ايران الخ.
دليل ذلك أن اجتماعات واتفاقيات عده جرت بين السلطتين الفلسطينيتين، ولكن لم يتمكن أي أحد من تنفيذها على ارض الواقع رغم حصار غزه ومعاناة المواطن الفلسطيني بكل اماكن تواجده.
كما أن تطور الموقف الامريكي منذ وصول الرئيس دونالد ترمب ونقله سفارة بلاده من تل ابيب إلى القدس وتضيقه على وكاله إغاثة اللاجئين الفلسطينيين، والتحضير لصفقة القرن، بالإضافة لفصل طبيعة وتطور العلاقات بين اسرائيل وبعض الدول العربيه المركزية بدون ربطها بالقضية الفلسطينية، دليل إضافي على انعدام أي رؤية استراتيجية فلسطينيه.
فنحن نعلم ان الخلافات الداخلية تتلاشى أمام الاخطار الخارجية خصوصا تلك الوجودية وهو ما يستشعر به حاليا الشعب الفلسطيني.
سئم هذا الشعب من هذه المهاترات، والتي لا تدل باحسن الاحوال إلا الى عدم كفائة وبأسوأها إلى خضوع تام لارادة الأطراف الدولية أو العربيه ضاربة بعرض الحائط بمصلحة الشعب الفلسطيني نفسه.
لا ارى حلا لهذه الأشكالية إلا بالعودة إلى الانتخابات والتي تعطي الشرعيه لمن تريد، كلام كهذا منطقي وعادي بكل الدول الديمقراطية التي تواجه أزمات سياسية، ولكن عند الفلسطينين كما في معظم الدول العربيه ليس له مكان.
إشكالية الشرعيه هذه كانت من أهم أسباب انفجار الربيع العربي، وبالحالة الفلسطينية ارى ان استمرار الاحتقان سيؤدي إلى عودة الضغط على الوسط الشعبي الفلسطيني وحركات المجتمع المدني بأشكالها الشعبية طبعا (وليس المؤسسات المدعومة خارجيا) إلى الضغط على السلطات الفلسطينية للعودة للشعب والانتخابات.
بدون حراك شعبي قوي، سيبقى الزعماء غارقين ببحر من الخلافات الشكلية، بدون الوصول الى أي حل، لأن هذا الأخير ليس بيدهم حقا، بل بيد الآخرين القابعين بواشنطن او بالعواصم العربيه.
تقع على شباب الشعب الفلسطيني بكل اماكن تواجده تحمل عبئ مسؤولياته والتحرك لانقاذ ما يمكن انقاذه، ولا احد يستطيع ان يعرف متى وكيف سيكون ذلك، فنحن نعيش في عالم المفاجئات.
كاتب ومحلل سياسي باريس

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s