سوريا حبيبتي شعر نزار بدران القدس العربي 19 أذار 2020

كَفْكِفْ‭ ‬دموعَك‭ ‬يا‭ ‬أُبَيّ‭ ‬واقْبَل‭ ‬مَمَاتي‭ ‬
واذْهَبْ‭ ‬إلَى‭ ‬قِمَمِ‭ ‬الجبالِ‭ ‬البيض‭ ‬
وافترش‭ ‬السَّحَاب‭ ‬
اقرأ‭ ‬كتابَ‭ ‬اللَّهِ‭ ‬ما‭ ‬بَعْدَ‭ ‬المغيب
وادْعُ‭ ‬المُجِيب‭ ‬
لا‭ ‬تَخْشَ‭ ‬بَعْدَ‭ ‬الْيَوْمِ‭ ‬أشباحَ‭ ‬الظلَام‭ ‬
لا‭ ‬تَخْشَ‭ ‬بَعْدَ‭ ‬الآنَ‭ ‬أَشْبَاهَ‭ ‬الأَنام‭ ‬
إنِّي‭ ‬مع‭ ‬القاشوش**‭ ‬أَنعَمُ‭ ‬بالهناء‭ ‬
ونسطِّرُ‭ ‬الكَلماتِ‭ ‬وَالنَّغَمَاتِ‭ ‬
ونعلّم‭ ‬الأَلحَانَ‭ ‬للشهداء‭ ‬
ونُذَكِّرُ‭ ‬الأَمْوَاتَ‭ ‬بالأحيَاء‭ ‬
‭ ‬
كَانَ‭ ‬لِي‭ ‬بَيْتٌ‭ ‬وكراسٌ‭ ‬وَمَدْرَسَةٌ‭ ‬
وألعابٌ‭ ‬وأصْحَابٌ‭ ‬وأحلامٌ‭ ‬مكدسة‭ ‬
وأُمٌ‭ ‬تَصْنَع‭ ‬الْحَلْوَى‭ ‬مِن‭ ‬الْعَسَلِ‭ ‬
وجدٌ‭ ‬يَدْعو‭ ‬الرَّحْمَنَ‭ ‬بِالفَجْر‭ ‬
وَيُشْعِلُ‭ ‬شِيشَةَ‭ ‬الْمِلَل‭ ‬
وحُبّ‭ ‬لا‭ ‬أبوحُ‭ ‬بِه‭ ‬
وميعادٌ‭ ‬بِقُرب‭ ‬الحائِط‭ ‬المَهْدُوم‭ ‬
أهمِسُ‭ ‬خَائِفًا‭ ‬مغروم‭ ‬
يَا‭ ‬لَيْلَى‭ ‬مَتَى‭ ‬الْقُبَلِ‭ ‬
‭ ‬
وذات‭ ‬صَباح‭ ‬ٍ
بَعْدَ‭ ‬سِنِينَ‭ ‬قَد‭ ‬طَالَتْ‭ ‬بِلا‭ ‬ثَمَرٍ‭ ‬
وبُسْتَانٌ‭ ‬بِلا‭ ‬شَجَر‭ ‬
وَمِن‭ ‬أَرْضٍ‭ ‬مُشَقَّقَةٍ‭ ‬
ونبعٌ‭ ‬مات‭ ‬حارِسُةٌ‭ ‬مِنْ‭ ‬العَطَشِ‭ ‬
أَتَت‭ ‬رِيحٌ‭ ‬محملةٌ‭ ‬بزخاتٍ‭ ‬مِنْ‭ ‬المَطَرِ‭ ‬
سَمِعْتُ‭ ‬شَقَائِقَ‭ ‬النُّعْمَانِ‭ ‬لفراشةٍ‭ ‬تهمسْ‭ ‬
جاء‭ ‬الرَّبِيعُ‭ ‬زهيا‭ ‬وَتَفْتَح‭ ‬النَّرْجِس‭ ‬
‭ ‬
يا‭ ‬مَنْ‭ ‬قَدِمْتَ‭ ‬مِنْ‭ ‬البِلَادِ‭ ‬البَارِدَةِ‭ ‬
ما‭ ‬سِرُّ‭ ‬خَوْفِك‭ ‬مِن‭ ‬زُهُور‭ ‬اليَاسَمِين‭ ‬
يا‭ ‬مَنْ‭ ‬أَتَيْتَ‭ ‬مِن‭ ‬العُصُور‭ ‬البائِدَةِ‭ ‬
مَا‭ ‬سِرُّ‭ ‬خَوْفِك‭ ‬مِنْ‭ ‬عُيُونِ‭ ‬الحالمين‭ ‬
لَمْ‭ ‬تُبْقِ‭ ‬في‭ ‬جسَدي‭ ‬مكَاناً‭ ‬للسهام‭ ‬
ولا‭ ‬بَيْتِي‭ ‬مكَاناً‭ ‬للمنام‭ ‬
لمْ‭ ‬تُبْقِ‭ ‬في‭ ‬قَلبِي‭ ‬مكَاناً‭ ‬للسَّلَام‭ ‬
أنا‭ ‬حمْزَةُ‭ ‬الذي‭ ‬كُسِرَتْ‭ ‬أصابُعه‭ ‬
سأَكْتُب‭ ‬قصتي‭ ‬بدمَاء‭ ‬جُرْحِي‭ ‬
بالمدارسِ‭ ‬والمَسَاجِد‭ ‬والكَنَائس‭ ‬
وفَوْق‭ ‬سنَابِل‭ ‬القَمْح‭ ‬
وأرسمُ‭ ‬فوْق‭ ‬خاصِرة‭ ‬الزمان‭ ‬
نواعيرَ‭ ‬بِلا‭ ‬أَحْزَان‭ ‬
وأُمي‭ ‬تَحْمِلُ‭ ‬الأوجَاعَ‭ ‬عنِّي‭ ‬
تناجيني‭ ‬وإِن‭ ‬تَعِبَتْ‭ ‬
وتحميني‭ ‬ولو‭ ‬هرمت‭ ‬
وتَقرَأُ‭ ‬في‭ ‬سَوادِ‭ ‬الليلِ‭ ‬
آيَاتٍ‭ ‬مِنْ‭ ‬القرآنِ‭ ‬
لِتَسْمَع‭ ‬سِرِّي‭ ‬المكتوم‭ ‬بالصَّدْر‭ ‬
عُيُونُ‭ ‬حبيبتي‭ ‬أَحْلَى‭ ‬مِن‭ ‬السُّكَّرْ‭ ‬
وضِحكتُها‭ ‬كَمَاءِ‭ ‬العِطْرِ‭ ‬وَالْعَنْبَر‭ ‬
لَن‭ ‬أنْسَى‭ ‬ولن‭ ‬أصفحْ‭ ‬
ولن‭ ‬أَبْكِي‭ ‬ولن‭ ‬أفرحْ
وانْتظرُ‭ ‬الرَّبِيعَ‭ ‬ليُفْتِّحَ‭ ‬الزنْبَق‭ ‬
ويُفَتِتَ‭ ‬الصُّوَان‭ ‬ويحطمَ‭ ‬البَيْدَق‭ ‬
‭ ‬
اشْرَبْ‭ ‬دَمِي‭ ‬
أنا‭ ‬يَسُوعُ‭ ‬عَبَرْتُ‭ ‬طَرِيقَ‭ ‬آلامِيِ‭ ‬
ولم‭ ‬أَعثرْ‭ ‬على‭ ‬قَبْرِي
وكل‭ ‬جَسَدِي‭ ‬
أنا‭ ‬نَبِيّ‭ ‬الهائمين‭ ‬الباحثين‭ ‬عن‭ ‬الضياء
لم‭ ‬أعثرْ‭ ‬على‭ ‬نجمٍ‭ ‬ولا‭ ‬بدْرٍ‭ ‬
وُحُوشُ‭ ‬الليل‭ ‬تَنْهَشُ‭ ‬لحْمِي‭ ‬البالي‭ ‬
وتعلن‭ ‬نَصْرَهَا‭ ‬من‭ ‬فَوْقِ‭ ‬أغلالي‭ ‬
في‭ ‬وطَنِي‭ ‬أُضيِع‭ ‬الْوَقْتَ‭ ‬بالْمَوْت‭ ‬
وأبْني‭ ‬تَحْتَ‭ ‬ظِلِّ‭ ‬السَّيْفِ‭ ‬مَهْدًا‭ ‬
وأَصنع‭ ‬منْ‭ ‬تُرابِ‭ ‬السِّجْن‭ ‬لحدًا‭ ‬
ومن‭ ‬عَظمي‭ ‬صَلِيبًا‭ ‬لي‭ ‬
‭ ‬
وأَسْمَعُ‭ ‬بَيْن‭ ‬عَصْفِ‭ ‬الرِّيحِ‭ ‬وتلاطمِ‭ ‬الأمْوَاجِ‭ ‬
لَحْنًا‭ ‬كحلْوى‭ ‬الشَّام‭ ‬يَهْمِسُ‭ ‬
إيلان‭ ‬لا‭ ‬تَخْشَ،‭ ‬أنا‭ ‬أُمُّكَ‭ ‬الثَّكْلَى‭ ‬
سنذهب‭ ‬عنْدَ‭ ‬مَنْ‭ ‬جَمَعَ‭ ‬القُلوبَ‭ ‬وقَسَّمَ‭ ‬الأحْزَان‭ ‬
لا‭ ‬ذُلَّ‭ ‬بَعْدَ‭ ‬المَوْتِ‭ ‬يا‭ ‬ولَدِي‭ ‬
فانْعَمْ‭ ‬بخلد‭ ‬الجَنَّةِ‭ ‬الخَضْرَاء‭ ‬للأبدِ‭ ‬
البَحْر‭ ‬يُعْلِنُ‭ ‬حَبَّة‭ ‬الزَّائِف‭ ‬ويَسْرِقُ‭ ‬كُلَّ‭ ‬أَحْلاَمِي‭ ‬
ويتركُني‭ ‬على‭ ‬رَمْلٍ‭ ‬بلا‭ ‬صَدَف‭ ‬ٍ
أنا‭ ‬المَنْسِيُّ‭ ‬مِتُّ‭ ‬على‭ ‬شواطئكم‭ ‬
بلا‭ ‬سَبَبٍ‭ ‬ولا‭ ‬هَدَف‭ ‬ٍ
‭ ‬
يا‭ ‬شَيْخَنَا‭ ‬الْقَسَّامَ‭ ‬كُنْتَ‭ ‬لَنَا‭ ‬إمَامْ‭ ‬
لولا‭ ‬اختِلَاسُ‭ ‬الْقُدْسِ‭ ‬مَا‭ ‬ذُبِحَتْ‭ ‬بِلادُ‭ ‬الشَّامِ‭ ‬واغتيلَ‭ ‬الحَمَام‭ ‬
لولا‭ ‬اختِلَاسُ‭ ‬القُدْسِ‭ ‬ما‭ ‬نَدَرَ‭ ‬الصِّدِّيقُ‭ ‬ومَا‭ ‬انْكَشَف‭ ‬الرفِيق‭ ‬
وتهاوت‭ ‬الأَحلَامُ‭ ‬في‭ ‬زَمَنِ‭ ‬الْكَلَام‭ ‬
وتَكَاثَر‭ ‬الأعداءُ‭ ‬والخطباء‭ ‬
ما‭ ‬كُنْتَ‭ ‬تُحْسَبُ‭ ‬يا‭ ‬أَبا‭ ‬الشُّهدَاء‭ ‬
لو‭ ‬عُدتَ‭ ‬للوطَن‭ ‬الْجَرِيح‭ ‬
أَنَّ‭ ‬القَرِيبَ‭ ‬هُو‭ ‬الرَّقِيب‭ ‬
أَنَّ‭ ‬الغَرِيبَ‭ ‬هُو‭ ‬الحَسِيب‭ ‬
ما‭ ‬كُنتَ‭ ‬تَعْلَمُ‭ ‬أَنَّ‭ ‬العَمَائِمَ‭ ‬والعساكرَ‭ ‬والخناجر‭ ‬
أَطفأَتْ‭ ‬نارَ‭ ‬اللَّهِيب‭ ‬
وأن‭ ‬أَبْنَاءَ‭ ‬الْعُمُومَةِ‭ ‬
قَد‭ ‬نَسُوا‭ ‬طَعْمَ‭ ‬الكَرَامَة‭ ‬
فاستباحوا‭ ‬مَريَمَ‭ ‬العَذْراءَ‭ ‬
ورمَوْا‭ ‬فِي‭ ‬البئرِ‭ ‬كُلَّ‭ ‬الأنبياء‭ ‬
سيظَلُ‭ ‬صوتُك‭ ‬شمْعةً‭ ‬في‭ ‬آخرِ‭ ‬الليْلِ‭ ‬الطويلِ‭ ‬
أَنَّ‭ ‬الحَياةَ‭ ‬هيَ‭ ‬الإرادة‭ ‬
والإرادةُ‭ ‬في‭ ‬العقول‭ ‬وفي‭ ‬الرَّشادَة‭ ‬
والمَحَبَّةُ‭ ‬مِنْ‭ ‬حَمَاةَ‭ ‬إلى‭ ‬الجَلِيل‭ ‬
يا‭ ‬شَيْخَنَا‭ ‬القَسَّام‭ ‬يا‭ ‬ابْنَ‭ ‬القُدْس‭ ‬
يا‭ ‬ابنَ‭ ‬الشَّام‭ ‬أَنت‭ ‬لنا‭ ‬ضِيَاءٌ‭ ‬
أَنْت‭ ‬لنا‭ ‬إمامٌ


**‭ ‬إبراهيم‭ ‬القاشوش‭ ‬منشد‭ ‬الثورة‭ ‬السورية‭ ‬الذي‭ ‬قتله‭ ‬النظام

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s