مظاهرات باريس ما لنا وما علينا

15/01/2015

مظاهرات باريس ما لنا وما علينا

نزار بدران

عبّر الشعب الفرنسي بتعبئة عامة وغير مسبوقة ، بتجمعاته ومظاهراته ونداءاته ، رافضاً كل ما قد يُخلّ في توازن الأمة الفرنسية اوالاعتداء على أُسس مكوناتها وهي الحرية والعلمانية  تحت مظلة القانون والدستور الفرنسي الذي أقرّه الشعب بنضاله وتضحياته  المريرة ولسنوات طويلة.

لقد بنى الفرنسيون ديمقراطيتهم ونظامهم العلماني عبر الثورة فتخلصوا من كل مخّلفات القرون الوسطى وخصوصاً بُعدها الديني.  واقتصر دور الدين على الكنائس وأماكن العباده للمؤمنين دون أي تدخل بالشأن العام ولم يبقَ لها إلا إبداء الرأي في المسائل الأخلاقية كالحفاظ على المحبة والتعاون بين الناس واختُصر الدين الكاثوليكي (دين الأغلبية الساحقة للسكان) إلى مرجعية تاريخية وعرفية تستعمل بشكل خاص لتحديد أيام الأعياد والعطل الرسمية. قليلون هم الفرنسيون الذين يستغلون هذه الأعياد في الذهاب للكنائس أو الاحتفال بمولد السيد المسيح اوالاحتفاء بالروح القدس، ما تقوم به أغلبيتهم هو القيام بزيارة عائلاتهم أو السفر في أنحاء المعمورة. الناس هنا  يعيشون هكذا مند عشرات السنين وهكذا عاش آباؤهم وأجدادهم.

وفي المقابل الجالية الإسلامية هي حديثة الوصول نسبياً لفرنسا، لم تعرف أي ثورة حقيقة في أوطانها وما زالت تتشبث بعادات وتقاليد مبنية على البعد الديني بشكل خاص، هذا الوضع القائم مند عشرات السنين ولم يكن هناك  تنافر بين مكونات الشعب الفرنسي بأطيافه المختلفة لأن مبدأ قبول الآخر والقيم والعيش المشترك هو القاسم العام وهو ما جعل العقدين الأخيرين طريقا سهلة  لاندماج المسلمين في الحياة العامة وذلك  بالمشاركة أولا بالانتخابات العامة وثانيا بالحصول على مواقع متقدمة في المجتمع والوسط السياسي.

تعثُر الثورات العربية بعد نجاحات أولية في العام 2011 وعنف الثورة المضادة والذي أودى بحياة عشرات الآلاف وتهجير الملايين كما نرى في سوريا مثلاً، سمح بدون شك لقوة ثالثة ترفع شعارات العنف الديني المُفرط في تعاملها مع كل مكونات المجتمعات العربية وفي فهمها للعلاقات الدولية بالوجود والازدهار.

هذه القوى مع طرحها لمشروع دكتاتوري جديد بغلاف إسلامي وبعيد عن أي مفهوم ديمقراطي هي في الحقيقة بديل استبدادي لحكم استبدادي.

وبذلك تواجه القوى الديمقراطية التي كانت وراء الربيع العربي قوة معادية إضافية وسدا حديديا  في وجهها لتحول دون وصولها إلى أهدافها وهي الحرية والكرامة والديمقراطية.وخاصة أنها  هشة حديثة التكوين  ، ضعيفة التسليح وقليلة الإمكانات.

هدا التحالف الموضوعي في وجه التغيير الديمقراطي بين السلطات الاستبدادية والقوى المتطرفة سيؤخر بكل تأكيد انتصار هده الثورات لكنه لن يستطيع هزيمتها، فالتغيير الديمقراطي قادم لأنه الوحيد القادر على خلق الأمل والوسائل لتحقيق حياة كريمة وعزيزة يتطلع إليها المواطن العربي ، ويعطي الأمة اسباب التقدم والتحرر والعودة من جديد للمسرح الدولي والمشاركة في بناء الحضارة الإنسانية الحديثة.

اعتداءات باريس موجهة أولا ضد المكون الديمقراطي العربي وضد مطالب الحرية والكرامة التي يرفعها أبناء الأمة في ثوراتهم من تونس إلى البحرين ومن اليمن إلى سوريا، والذين يتوقون ليروا في بلادهم صحافة حرة، قضاء مستقل، تعددية آراء، احترام الأقليات، تقبل الاختلاف وحل الخلافات بالنقاش وبالإعلام وإن اقتضى الأمر بالقضاء وليس بالرصاص والقتل.

استهداف صحيفة معروفة بخصوصيتها في استخدام السخرية والرسم الكاريكاتوري بالتعبير والتي أثارت حفيظة كثير من المسلمين قبل سنوات هدفه الحقيقي هو تغطية الهدف الأساسي وهو الرد على التدخل الفرنسي بالشرق الأوسط وأفريقيا بغطاء ديني حتى يتم إقحام الأمة الإسلامية والجالية العربية الإسلامية في أوروبا في حرب هذه المجموعات المُعلنة مع الغرب.

الرد الرسمي الفرنسي استعمل هو أيضاً هذا البُعد الرمزي لإظهار ذلك الهجوم وكأنه اعتداء ضد قيم الحرية والديمقراطية والعلمانية التي ترفعها فرنسا مُبعدة بذلك الأنظار عن تدخلاتها العسكرية خارج حدودها. إن مُراقب الأحداث في السنتين الأخيرتين يعي تماماً المواجهة المسلحة بين المجموعات الدينية المتطرفة والقوة العسكرية الفرنسية المنتشرة بالخارج هو السبب الحقيقي وراء أحداث باريس.

استطاع الشعب الفرنسي بمظاهراته المليونية العارمة والتي ذكرتنا بميدان التحرير في القاهرة أن يقول كلمته ويظهر وحدته بكل أطيافه أمام هذا الاعتداء على ما يعتبر بجدارة اعتداء على الحرية والعلمانية. ونحن المقيمين في فرنسا ندرك تماماً تمسك الشعب الفرنسي من أقصى يمينه إلى أقصى يساره وبكل مكوناته بما فيها مسلميه  بهذه القيم التي يسميها (قيم الجمهورية) والتي تعني القيم التي أُسست الجمهورية الفرنسية عليها بإنهائها الحكم الملكي الاقطاعي الديني الاستبدادي قبل أكثر من قرنين.

يعطينا الشعب الفرنسي النموذج والدرس الذي يجب أن نتعلم منه؛ الوحدة  رغم الاختلاف والصمود وعدم الخوف أمام التهديد والإرهاب.

 لم يخرج الشعب الفرنسي فقط للدفاع عن فرنسا وقيمها فقط بل للدفاع عن كل من ينادي برفع قيم الثورة والديمقراطية المطالبة بالحرية والكرامة، مظاهراته المدوية موجهة لطُغاة العالم  بكل أشكاله وموجهة أيضاً لزعمائه وقياداته السياسية المُطالبة بالدفاع عنه وعن كرامته وحريته لاحاجة بهم لرافعي شعارات فارغة تستهلك  عند الحاجة.

القيادات الفرنسية مطالبة الآن بدعم الحراك الديمقراطي العربي بدل دعم الثورات المضادة والتحالف معها أو السكوت عنها وعن جرائمها. لن يستطيع المواطن العربي التواق للحرية أن يفهم الشعارات المرفوعة في باريس إن لم تكن مرفقة بدعم نضاله في وجه حكوماته وديكتاتورياته، لن يفهم العربي الثائر الموقف الفرنسي إن لم يدعم حق الشعب الفلسطيني أمام أداة الإرهاب والقمع الإسرائيلية.

الشعب الفرنسي أظهر لنا الطريق وهو التعبئة العامة، التضامن والتحالف ونبذ الخلافات الدينية والعرقية من أجل هدف أسمى، هذه الوحدة الشعبية للصف العربي هي التي تستطيع حقاً ترجمة شعارات المتظاهرين في شوارع باريس إلى دعم لحقوقنا بدلا من تقوية أعدائنا وما تواجد نتنياهو إلا وسيلة لسرقة هذه الشعارات لصالح إسرائيل. كنا نتمنى أن تتفاعل الجماهير العربية مع كافة ضحايا القمع والاستبداد  في بلادنا من المحيط إلى الخليج  وأن تخرج بالملايين لتقول كلمتها  بصوت مدوٍّ  وهو ما لم نره حتى الآن رغم آلاف القتلى وملايين المُهجرين، إلا انه  يبقى الوسيلة الأمثل للحصول على دعم العالم لقضايانا.

وجودنا ومشاركتنا وتضامننا في فرنسا مع الشعب الفرنسي في محنته هي وسيلتنا نحن مسلمي فرنسا لمنع سرقة الانفعال الفرنسي وتجييره لصالح  اعداء الانسانية والعدل والحضارة والأمة العربية.

 

 

13/1/2015

جريمة تشابل هيل الإرهاب ليس حكراً على المسلمين

14/02/2015

جريمة تشابل هيل

الإرهاب ليس حكراً على المسلمين

 نزار بدران

جريمة عنصرية جديدة بكل المقاييس تجلّت في قتل واغتيال ثلاثة شبان عرب مسلمين في مدينة شابل هيل في كارولاينا الشمالية على يد مواطن أمريكي، فالقاتل يؤكد ذلك؛ قُتلوا فقط لأنهم مسلمون.

هل هو عمل فردي من رجل حقود!!!! أم هي بداية ظاهرة قد تتأجج ضد العرب والمسلمين؟

لا تكمن أهمية الحدث فقط في فظاعة الجريمة بحق أناس عُزّل مسالمين بل بمقدار ما قد يكتسب الحدث من بُعد أيدولوجي مما سيخلق نوعاً من الحاضنة الاجتماعية لمثل جرائم بهذه الوحشية، هنا يكمن الخطر الأكبر ويضع الجالية المُسلمة في أمريكا بنسائها ورجالها وأطفالها وممتلكاتهم ومستقبلهم في  دائرة الخطر.

المجتمع الأمريكي كباقي المجتمعات الديمقراطية الغربية مُتعدد الأوجه؛ يتكوّن من قوىً عديدةٍ مُتنافره ٍ وفي بعض الأحيان مُتصارعة ولكن تبقى جميعها ضمن أطار القوانين الموضوعة والمُتفق عليها. ممارسة إحدى هذه القوى (اليمين المُتطرف المعادي للإسلام) للقتل، لا يمكن أن يكون وسيلة تعبير وإبداء رأي، وعلى باقي مكوّنات المجتمع الأميركي، الذين يرفعون راية الحرية والقيم الإنسانية، أن يُسارعوا للتنديد بهذا الجُرم الفظيع والعمل على أن ينال المجرم عقابه.

المجتمع المدني الأمريكي غنيّ بالمنظّمات والجمعيّات ذات الطّابع الإنساني ولكن في المقابل هناك الأبناء الروحييّن للرئيس جورج بوش الإبن الذين يعتقدون وكأنّ العالم قد دخل حرب حضارات ، وظنّي أن القاتل هو جزء منهم.

ما الدّور الذي يجب أن تلعبه الجالية المسلمة بأمريكا كي تحافظ على مُستقبل أبنائها وعلى ممتلكاتها؟

هل هو البكاء واتهام الأمريكيين جميعهم بالعنصريّة والإسلاموفوبيا؟

أم هو نوع من النقد الذاتي؟ فنحن في بعض الأحيان كمسلمين لم نتورع عن دعم وتأييد أعمال إجرامية للقاعدة أو غيرها قُتل فيها مدنيون أمريكيون (مثلاً أحداث نيويورك 2001).

كي نستطيع أن نطلب من المجتمع الأمريكي نبذ الفئات اليمينية المتطرفة المُجرمة والوقوف معنا لحمايتنا علينا ان لا ننجرّ وراء الإيدولوجيات الدينيّة المتطرّفة والتي تُكفّر القاصي والدّاني وتُحلّ دمه.

الانقسام يجب أن لا يكون بين المجتمع الأمريكي من جهة وعربه ومسلميه من جهة أخرى وإنما بين المجرمين المتطرفين من كل حدب وصوب والمجتمع المسالم الرافع لقيم التآخي والعيش المُشترك.

إظهار تضامننا مع الضحايا مهما كانت دياناتهم وأجناسهم هو الوسيلة المُثلى  ليتضامن كل الناس بكل دياناتهم وأجناسهم مع ضحايانا.

الإنتقائية في الإدانة مُدانة من أي طرف كانت.  والتناقض هو بين الضحايا بكل أنواعهم والمجرمين القتله من أي جهة أتوا. إن تضامن الضحايا سيؤدي بالضرورة لهزيمة المجرمين.

ونحن على يقين بأن الجالية العربية والإسلامية والتي هي جزء مؤسس للمجتمع الأمريكي منذ أكثر من قرن ستجد الطريقة المُثلى الحضارية للتعامل والرد على هؤلاء القتله.

 

13/2/2015

 

ما يضيرنا وما لا يضيرنا في مسألة الجزر

 

ما يضيرنا وما لا يضيرنا في مسألة الجزر

نزار بدران

تخلت مصر، قبل أيام، عن جزء من جزرها بالبحر الأحمر، للمملكة العربية السعودية، هذا لا يُضيرنا، لو كان هناك مشروع عربي وحدوي، يمحي الحدود التي لا فائدة منها لأحد، ويجعل ملكية الأرض العربية لكل سكانها، مهما ابتعدت أقطارهم وتناثرت مدنهم.

هذا لا يضيرنا، لو كان هناك حكم ديمقراطي سعودي وآخر مصري، يبحثان عن سعادة شعبيهما ورفاهيتهما، ويربطان بلدهما بالجسور، ويُستثمر المال العربي السعودي، لإعمار ونهضة شعب مصر، وقُدرات هذا الأخير لإعمار السعودية ورفاهية سكانها.

هذا لم يكن ليُضيرنا، لو اختار سكان هذه الجزر، أو أي أرض أخرى، الانضمام للكيان السعودي، بعد استشارة الشعب المصري قاطبة. هذا لم يكن ليُضيرنا، لو صدق البرلمان المصري المُنتخب بحرية من شعبه، والبرلمان السعودي المُنتخب الحر، على هذه الاتفاقية، أو لو اُستُفتي الشعبان على ذلك.

هذا لا يُضيرنا، لو كان هناك خلاف سعودي مصري على هذه الجزر، حُل بالتوافق والتنازل المُتبادل، ولكن هذه الجزر لم تكن محل أي خلاف.

ولكن للأسف، هذه الحالة هي فقط، عملية تجارية بحتة، يبيع بها النظام المصري، جزءا من الأرض من أجل حفنة من الدولارات السعودية، حتى يُسمن بها الفاسدون والمُفسدون، ومن حكم مصر بالحديد والنار، منذ انقلاب 2013، هو الذي لا يملك إلا سيادة جزئية على سيناء، ويتجاوب مع طلب إسرائيل، كما قال وزير حربها حديثاً، موشيه يعالون، بوجوب عدم إمكانية إعادة تجربة عبد الناصر، الذي أغلق بواسطة هذه الجزر، مضيق العقبة أمام السفن الإسرائيلية، قُبيل حرب 1967.

نقل السيادة، والتي تعتبرها الدول ذات قُدسية، تُخاض من أجل حمايتها الحروب، ويستشهد الشباب، حتى لحماية متر مربع واحد منها. ليس في بال اهتمام أنظمة الحكم الاستبدادية، بكل بقاع الوطن العربي، هذه الأنظمة ليست فقط، استثناء بالعالم، السائر بكل بقاعه نحو الديمقراطية والحرية، هي ليست فقط سارقة لثروات الوطن، ولكنها أيضاً خطر على وجوده المادي. فجنوب السودان ذهب بلا عودة، وقد يتكرر ذلك في دارفور بغرب البلاد. بعد أن عرفنا خلال الثلاثينيات من القرن الماضي، بلاد وادي النيل الموحد (مصر والسودان).

النظام السوري وتجزئته لسوريا، الجارية على قدم وساق، وإدخاله جيوش روسيا وأيران، مع مطامعهما الإقليمية. جزر الخليج العربي، طُنب الصغرى والكبرى وأبو موسى، والتي لم تعد جزء من الجغرافيا العربية. سبتة ومليلية المغربيتين، لم يعد يطالب بهما أحد، ولا ننسى فلسطين، التي لم تعد تمثل بالنسبة للسياسة العربية، إلا أقل من عشرة بالمئة، من تراب فلسطين التاريخي، والاعتراف بإسرائيل على معظم ترابها.

الحراك العربي الديمقراطي، وعودة السلطة إلى الشعب، والذي هو هدف الربيع العربي، لن يكون فقط لحماية المواطن، من الإهمال والاستبداد وإعادة حقوقه الشخصية والإنسانية، ولكن أيضاً لحماية الوطن من التمزق والبيع، في أسواق مافيات سلطات الاستبداد بأبخس الأثمان.

نصير شمَه وعُود الأمل

نصير شمَه وعُود الأمل

نزار بدران

أحيا العازف العراقي الشهير، نصير شمَه، ومجموعة من الموسيقيين من كل بقاع الأرض، حفلة موسيقية بباريس، كان عُود نصير عِمادُها. أُقيم الحفل بأشهر وأعرق صالة للموسيقى والغناء بباريس، وهي مسرح الأولومبيا، التي غنت على خشبته سيدة الشرق أم كلثوم، في العام 1967. حضر هذا الحفل عدد من أعيان مدينة الأنوار، وعدد غفير من المواطنين ومن أبناء الجالية العربية والمُحبة للموسيقى.

نوعية وعدد الحضور، أظهر بوضوح، شغف الجمهور العربي والفرنسي، بموسيقى العود. إقامة هذا الحفل الكبير، أعاد الحياة إلى الموسيقى العربية، بعد هجمات باريس الإرهابية، قبل أشهر قليلة، والتي حدثت في صالة موسيقية شهيرة ايضاً، هي صالة البتكلان، على بُعد بضعة مئات الأمتار من مسرح الأولومبيا، والذي أودى بحياة ثمانين شخصاً.

جمع نصير شمَه بفرقته قارات العالم، كل على آلته، من البيانو إلى القيثار والطبلة والكمنجة وغيرها، ثمانية أدوات موسيقية وثمانية موسيقيين شهيرين، من أرغواي والبرازيل وتونس وأمريكا وفرنسا وتركيا. أتحفنا نصير بذلك الغزل، الذي أجراه بين العود وكل آلة أخرى على حدة، جامعاً الحزن والفرح، والحب والغيرة، في مكان واحد.

ولمن يعرفون نصير شمَه، وتاريخه الموسيقي الطويل، وما واجهه بحياته من ظُلم، وهو الذي نجا من إعدام مُحقق، زمن صدام حسين، حين كان تقريباً السجين الوحيد الذي لم يقتل، بعد اختطافه من عمان لبغداد، حيث رأى كل رفاقه بالسجن الأربعمئة، يُعدمون الواحد تلو الآخر. رأى أيضاً عنف الحرب الأمريكية، التي تبعت حكم صدام حسين، والحروب الطائفية، هذا لم يمنعه من الاستمرار، بكونه داعية للسلام والموسيقى، والبحث المُستمر، بإبداعية العود الذي اخترعه السومريون، في عام 2350 قبل الميلاد،  في بلاد ما بين النهرين. أعاد نصير لها الحياة بكتابة ألحانه على ذكراها وما تخيله منها، عازفاً بأصابعه الخمسة، كما كان ذلك في زمنهم. وأحيا كذلك موسيقى الفارابي، وعوده ذا الأوتار الثمانية.

نصير شمَه، لا يرى بالعراق إلا الوجه الجميل، وموسيقى العود، التي تسقي العشرة ملايين نخلة بين دجلة والفرات، فهو لا يرى بالطوائف والحروب الطائفية، إلا وسيلة من حكم الاستبداد والظلم للبقاء، ولا يُعبر بشيء عن حقيقة الشعب العراقي بكل أطيافه وألوانه ، الذي يُحب موسيقى عود نصير التي ربطت الماضي بالحاضر والحداثة بالتراث.

نصير شمَه وعُود الأمل DOWNLOAD LINK