الأصدقاء الجدد للصهاينة

القدس العربي

الأصدقاء الجُدُد للصهاينة

د. نزار بدران

 

 

 

 

 

Jan 02, 2018

 

ظهر مؤخراً على شاشة قناة الحرة الأمريكية، السيد مدير مركز أبحاث الشرق الأوسط في جدة، وهو يُفتي علينا، بضرورة الاعتراف والقبول، بأن القدس هي يهودية الأصل والمنبع، وعلينا كعرب وفلسطينيين أن نقبل بهذه «الحقيقة التاريخية».
ذكر السيد المدير، أن القدس، وخصوصاً حائط المبكى، له عند اليهود الأهمية نفسها التي للكعبة أو لمكة عند المسلمين، والذين لا ينازعهم أحد على حقهم الأزلي بها.
هذا الاكتشاف المُذهل، للسيد المدير، والذي بكل تأكيد، أثلج صدور «الأصدقاء الجدد» بالكنيست والحكومة الإسرائيلية، كنا قد نناقشه، لو كان قناعة عند أحد الباحثين المشهورين، وأعلام علم الاجتماع أو التاريخ ببلد عربي مسلم أصيل، أو كان يُعبر عن نتائج دراسات وأبحاث معمقة عميقة، منشورة بأكبر المجلات العلمية العالمية.
ولكن للأسف، هذا تحليل لا يهدف إلا إلى تبرير السياسة السعودية، بالتقارب مع إسرائيل، والتحالف معها، وما اقتراح ولي العهد للرئيس الفلسطيني، أبو مازن، باختيار إحدى قرى قضاء القدس، كعاصمة للدولة الفلسطينية، إلا جزء من الصفقة التي يجري الحديث عنها.
رغم معرفتنا بهذه النوايا الحقيقية الواضحة، سأقوم مع ذلك، بنقاش الخبر وكأنه بحث علمي مستقل عن أي تدخل سياسي.
يخلط الباحث، وأظن عمداً، بين ثلاثة أشياء؛ حق المُلكية للأفراد والجماعات؛ حق السيادة للدول والشعوب؛ وحق زيارة الأماكن المقدسة والصلاة بها، للمؤمنين من كل الأديان. 

مكة مثلاً، هي مُلك أهلها وسكان المدينة فقط، بينما السيادة عليها هي للدولة السعودية والشعب السعودي، أما أماكنها المُقدسة، فهي مفتوحة لكل المسلمين، من كل حدب وصوب.
مدينة بيت لحم الفلسطينية، مهد المسيح، هي ملك أهلها وسكانها فقط، والسيادة عليها هي للدولة الفلسطينية والشعب الفلسطينى، حسب القانون الدولي، وهي مفتوحة لاثنين ونصف مليار مسيحي بالعالم، لزيارتها والصلاة فيها متى شاؤوا.
مدينة القدس، قبلة كل المؤمنين، يهودا ومسيحيين ومسلمين، هي أيضاً ملك أهلها المقدسيين، عرباً مسيحيين أو مسلمين، ويجب أن تكون تحت السيادة الفلسطينية، حسب القرارات الدولية، كونها مدينة مُحتلة، ويجب أن يتمكن، أن يؤمها كل المؤمنين من الديانات الثلاث، وليس فقط الأربعة عشر مليون يهودي في العالم.
أن تُحول حق العبادة لليهود في القدس إلى حق مُلكية، أو سيادة، لا معنى ديني أو تاريخي أو قانوني له، وهو كأن نعترف أيضاً، بأن بيت لحم ليست ملكاً لأبنائها، وجزء من فلسطين، بل هي مُلك الفاتيكان مثلاً، او ملايين المسيحيين بالعالم (للتذكير هكذا بدأت الحروب الصليبية).
علينا بكل تأكيد، أن نؤمن لكل المؤمنين اليهود، الوصول والصلاة أمام حائط البُراق، ولكن ذلك كغيرهم من الأديان، بأماكنهم المقدسة، لا يُعطيهم حق السيادة أو حق المُلكية.
خلط واضح وقع به السيد المدير، حتى يقنعنا بسياسة الانفتاح الجديدة، على الأصدقاء الصهاينة الجُدد.

كاتب فلسطيني يقيم في فرنسا