نزار بنات شهيد الحق بالمعارضة

نزار بنات شهيد الحق بالمعارضة 26 حزيران 2021

نزار بدران

مقتل الناشط السياسي نزار بنات بأيدي تخضع لأوامر السلطة الفلسطينية لدليل على انفصال  تلك الأخيرة وانعزالها عن الشعب، الدور الأهم لأي سلطة هو ضمان أمن المواطنين وحياتهم أولا وحقوقهم ثانياً. هل هناك أسباب وجيهة من منظار السلطة لعمل كهذا؟ ، هل يشكل نزار بنات خطرا داهما على سلامة الوطن والمواطنين، مثلا كما نرى مع المستوطنين، ام هي بوادر فزع رجال السلطة بأن الزمن قد تغير، وهو ما رأينا بوادره مع إلغاء الانتخابات.

إسكات النشطاء السياسيين بكل الوسائل بما فيها القتل يذكرنا بما تفعله مليشيات الحشد الشعبي التابعة لإيران مع الحراك الديموقراطي بالعراق، مئات الاغتيالات دون أن تجد الحكومة أو القضاء والشرطة أي مجرم. هل السلطة  هي بطريقها إلى التحول إلى حشد فلسطيني؟

مقدار عنف أي سلطة هي بمقدار شرعيتها وقوة وتعاضد المنظومة الحقوقية التي تُبْنَى عليها. السلطة القوية متسامحة مع معارضيها لأنها لا تستشعر الخطر من الشعب الذي نَصَّبَهَا، وإنما من الأعداء، السلطة الشرعية لا تخاف النقد بل تبحث عنه. هذا هو عكس السلطة الضعيفة التي لا تستقي شرعيتها من المواطن بل من الداعم الخارجي لوجودها، مختبئة خلف العنف وكأنه سيحميها ممن تعتقد أنهم لم يعودوا أداة تجديد شرعيتها. الشرعية حتى ولو كانت حقيقية لا تعني أن تفعل ما تشاء وانما ان تفعل ما يريده هؤلاء الذين خوَّلوكَ بتنفيذ إرادتهم.

ممن تخاف السلطة الفلسطينية، من خطر الاستيطان الداهم والذي قَطَّع أوصال مشروع دولة أوسلو العتيدة، ام من انتفاضة القدس والأقصى والتي لا تقع تحت نفوذها؟. ممن تخاف السلطة الفلسطينية من إسرائيل ومشاريعها بتهجير بقية الشعب الفلسطيني أم من حراك أهلنا داخل الخط الأخضر وهم يُغَيِّرُون قواعد اللعبة لصالح الشعب الفلسطيني؟  ممن تخاف تلك السلطة، من دول التطبيع أم من فقدان الدعم المادي الخليجي والأمريكي؟ ممن تخاف من نتائج حصار وحروب غزة على معذبو القطاع أم من تقوية قبضة منافسها عليهم؟ 

ها نحن بفلسطين ندخل مع هذه الجريمة بعالم الربيع العربي، فمن يطالب بالحرية والديمقراطية يحصل على البراميل المتفجرة بسوريا والتدمير بليبيا أو اليمن، من يطالب حتى ولو بالخبز يحصل على السجون المظلمة، ومن يتجرأ على النقد الموضوعي والمطالبة بالحقوق يحصل على الإغتيالات كما نرى بالعراق ولبنان وسابقا بالسودان. لا أمل ممكن مع هذا النظام العربي بكل أشكاله. كنا نعتقد بفلسطين أن الاحتلال يحمينا من هذا المطب، فكلنا ضحايا محتلون حكاما ورعايا، وكما لا يستطيع المواطن التنقل إلا بإذن سلطات الاحتلال كذلك المسؤول مهما علا شأنه.

لماذا إذا هذا الهراء وفقدان الصواب من كلمة هنا ورسمة كاريكاتير هناك.

الكلمة الفصل تبقى ملك الشعب الفلسطيني، فتحالف قواه الشبابية الديمقراطية بكل مكان مهما كانت ضعيفة ستفرض بالنهاية رؤيتها، فلا أحد يستطيع أن يهزم تحالف الضعفاء مهما امتلك من قوة. يجب إعادة بناء حركة وطنية على قواعد استرداد الحقوق وأولها الحق بحرية الكلمة والتعبير، واحترام الشعب الفلسطيني بكل أماكن تجمعه ورفض مصادرة حقه الأصيل بالاختيار ممن ظنوا أنهم أوصياء عليه، الشرعية هي فقط تلك التي تأتي من المواطن وليس من غياهب ذكريات الماضي وبطولاته الخيالية. نحن لا نوافق نزار بنات كل ما يقول خصوصاً وقوفه على ما يبدوا مع سفاحي الشعب السوري، لكنا هنا ندافع عن حق الجميع بالمعارضة والتعبير الحر. سياسة التخويف تعكس عدم إدراك بطبيعة المرحلة وتنم عن فزع من يمارسها ضد معارضيه، وتخلف واضح بالقيم التي يحملها، ويحكم على نفسه بالخروج من مستقبل الشعب الفلسطيني، أي مستقبل حر دون خوف.

كاتب ومحلل سياسي فلسطيني

هؤلاء لا يمثلونني

هؤلاء لا يمثلونني

نزار بدران

عندما ينقطع الحاكم عن الشعب، فاقدا شرعيته الوحيدة، تلك التي يعطيها له هذا الشعب، يعتقد أنه يستطيع الاستمرار بالتبجح بتمثيله والتكلم باسمه، لكنه بالواقع العملي أبعد ما يكون عن ذلك. الانتخابات الأخيرة بفلسطين تعود لعقود، وتلك التي اتفق على إجرائها تم الغائها تفاديا لمفاجآت متوقعة. في هذه الفترة يحدث اعتداء اسرائيلي على سكان القدس، يتبعه اعتداء على أهلنا بغزة، الذين وقعوا دون سابق إنذار تحت القصف بالطائرات التي لا تميز البشر عن الحجر.

لم تجد القيادة الفلسطينية بالضفة والقطاع وعديد من الفصائل والأحزاب اليسارية وقياداتها المتحجرة أفضل من تلك الفترة الصعبة من إعلان شكرها وامتنانها للدعم أللامحدود لبشار الأسد وأسياده بطهران، الذين اكتفوا بمشاهدة المنظر الفلسطيني بدون أي حراك، وهم يتبجحون بالمقاومة منذ بدأ الكون، وينتظرون اللحظة المناسبة والحاسمة، لحظة القدس لكي يصلوا فرادى وجماعات كالاعصار لاقتلاع الاحتلال. أتت لحظة القدس ولكن لحظة محور المقاومة لا تأتي أبدا. هي مرتبطة بمقدرته على دعك وتدمير شعوبه وليس تحرير فلسطين أو الاهتمام بمآسيها.

رغم ذلك يخرج علينا السياسيون القادة الملهمون الفلسطينيون يعلنون انتصارهم الساحق، ومن يستحق الشكر والثناء على ذلك، طبعاً محور المقاومة.

ماذا سنقول اليوم وغدا لأبناء سوريا، ونحن الشعب الفلسطيني جزء منه، لم يجزئنا إلا المستعمر الفرنسي والبريطاني. ماذا سنقول للقتلى والمشردين، ماذا سنقول للأمهات الثكالى، ماذا سنقول لحجارة حلب وحماة وحمص، لم نركم، كما فعلنا دائما، نغطي رؤوسنا بالرمال ونشكر ونهنئ المجرم على تفضله بدعمنا، وهو الذي تهاجمه اسرائيل بشكل شبه يومي دون أدنى حراك أو رد.

هذه القيادات المفترضة، الفاقدة لاية شرعية لا تمثلني، ولا تمثل جماهير الشعب الفلسطيني والذي كان وما زال بجانب اخوته من الشعب السوري، ضحية هذا النظام الفاشي، داخل مخيماته مثل مخيم اليرموك رمز دمار الوجود الفلسطيني بسوريا.

قليل من الحياء لن يضركم، نحن ننتظر حقا تلك اللحظة التي نستطيع فيها أن نقول كلمتنا ونختار قياداتنا، حتى لا نهزء أمام جماهير أمتنا، والتي هي صاحبة القضية الفلسطينية الحقيقية. 

كاتب ومحلل سياسي فلسطيني مستقل