Passage sur Radio Orient à propos de la situation sanitaire en Palestine

A l’occasion de la première journée médicale franco-palestinienne, le professeur Oberlin et moi étions invités pour éclaircir la situation médicale en Palestine et les difficultés dues à l’occupation.
Ecoutez sur :

http://www.radioorient.com/live/?tab=podcast&id=26509

professeur-c-oberlin-d-n-badran-et-damia-benchabane-la-situation-sanitaire-en-palestine

Rencontre télévisée sur la situation sanitaire en Palestine

Les difficultés de développement de la santé en Palestine sont principalement liées à l’occupation israélienne, notamment à cause du blocus de Gaza et des entraves au mouvement des populations en Cis-Jordanie. Cette émission télévisée, à l’occasion de la première journée médicale franco-palestinienne, met en évidence ces difficultés. Le professeur Oberlin évoque son expérience très importante en Palestine et en témoigne.

المجتمع المدني بين الألم والأمل

المجتمع المدني بين الألم والأمل

نزار بدران

يقوم الناس بتنظيم أمور حياتهم اليومية عبر ما يسمى عادة بمنظومة المجتمع المدني، أي الهيئات، الجمعيات، النقابات، الاتحادات المهنية وغيرها، والتي هي بالضرورة مستقلة عن المجتمع السياسي، أحزابا ودولة وسلطة قائمة.

المجتمع المدني هو مجموع ملايين البشر أفراداً ومنظمات مقابل المجتمع السياسي المُشكل من السلطة والأحزاب.

باعتقادي هناك ثلاثة نماذج من المجتمعات المدنية: النمودج الأول يتجسّد في الدول الديمقراطية وفيه تُحَدد السلطة والأحزاب سياستها بناءً على متطلبات وتوجهات المجتمع المدني وذلك لأن هذا المجتمع السياسي مؤهل لاستلام السلطة وقياداتها وهو لا يُمثل أكثر من 1-2 % من مجموع السكان ( مثلاً لا يتعدى عدد أعضاء الحزب الاشتراكي في فرنسا، وهو الحزب الذي يتولى السلطة، أكثر من مئة ألف عضو في أحسن الأحوال). هذه الأحزاب لها آذان كبيره مفتوحة دائما وموجهة نحو المجتمع فهي تحاول فهمه واستباق رغباته، هدفها أن تحصل على رضاه وأصواته الانتخابية ، وبدون هذه العلاقة الجدلية بين المجتمع السياسي قليل العدد والمجتمع المدني متناهي الكبر لا يمكن وجود حضارة، أي مجتمع منظم متوازن القوى، يحل مشاكله بالقانون والدستور المُتفق عليه من الجميع.

أما النمودج الثاني فهو المُغيّب لهذه الجدلية والذي ينزع إلى الدكتاتورية والاستبداد.

المجتمع السياسي في هذه الحالة وحزبه المُتولي للسلطة، أطرش، يصمّ تماماً آذانه عن سماع  المجتمع المدني. هذا الانفصال بين القلة في السلطة والأغلبية بالمجتمع المدني يؤدي في النهاية لفقدان المجتمع السياسي بكل أشكاله سلطة أو معارضه; بوصلة العمل المُتحضر ويتحول المجتمع المدني في هذه الدول الاستبدادية إلى قطيع ضريبي أي مصدر رزق للسلطة، حياته تقتصر على دور المنهوب مقابل السلطة التي تلعب دور الناهب، بطرق مباشره عبر فرض  الضرائب أو غير مباشر بعدم وجود قوانين نافذة  تحمي حقوق العامل والمواطن. في النظام الديمقراطي السلطة في خدمة المجتمع، أما  في النظام الثاني فالمجتمع في خدمة السلطة.

النمودج الأخير مُرتبط بتوفر الخيرات المعدنية والطبيعية في كثير من الدول الاستبدادية كالنفط وغيره، وهو الذي أدى إلى خلق هذا النوع الثالث من المجتمعات، حيث فيه السلطة ناهبة لهذه الثروات الطبيعية، وبهذه المعادلة يكون وجود المجتمع المدني بملايينه العديدة ليس ذا فائده ويصبح بحق عبئاً عليها. ولكنها مُضطرة للحفاظ على السلم المدني قدر الإمكان بأن تُعطي جزءا من هذه الثروات له. يذهب أصلاً كدعم نقدي وليس للإستثمار وبناء وتطوير البنية التحتيه . اعتماد بعض الدول على الثروة النفطية بشكل هائل مثل الجزائر والذي تُشكل ما يقارب 98 % من الدخل القومي، هذا يعني بأن عمل المجتمع المدني لا يتعدى 2 % فقط من هذا الدخل. تُشكل بعض الدول الخليجية الصغيرة بعدد السكان، استثناءً لما ورد، ولكن لا يمكن القياس عليها بسبب حجمها السكاني القليل واستخدامها الكثيف لليد العامله الأجنبية والتي قد يتجاوز عددها عدد  السكان الأصليين اللذين يقومون بدور الضحية.

في هذا النموذج تصبح الثروة الوطنية نكبة للشعب، ومصدر للحروب التي لا تنتهي والسرقة الدائمة فيما هو يبقى فريسة الفقر والمرض،  ومثال ذلك ما يحدث في الكونجو بإفريقيا بلد الذهب والألماس أو العراق بلد النفط منذ عشرات السنين أو نموذج جنوب السودان وتشاد حديثاً، السلطة المستبده بكل أشكالها ليست بحاجة إلى رعاية قطيع ضريبي حتى يستمر بالعمل ولعب دور المنهوب.  وقد أظهرت الدراسات المتعلقة بتنمية القارة الأفريقية أن خارطة الثروات الطبيعية تتقاطع مع خارطة الحروب )الكونجو ، جنوب السودان وأنغولا( وأن أكثر الدول نمواً وسلاماً هي التي تفتقر للثروات الطبيعيه ( السنغال..).

هذه الثروة  النفطية ذاتها  في إطار المجتمع الديمقراطي (النموذج الأول) هي إغناء له، فالنرويج مثلاً البلد النفطي الأوروبي المهم الذي استطاع أن يحتل المرتبة الأولى حسب المعايير الدولية في مجال التنمية الإنسانيه والديمقراطية ومجال الأكثر سلميةً وأماناً بالعالم. تم اكتشاف النفط في هذه الدولة في أواسط الستينيات واستُعمل على مدى خمسة وعشرين عاماً في بناء الدولة والمجتمع لتصل إلى ما وصلت إليه، بعد ذلك، وفي عام  الف وتسعمئة وتسعين قرر النرويجيون وضع الموارد النفطيه  كافة في حساب خاص خارج وطنهم لا يتم استعماله ويُسمى حساب الأجيال القادمة. يهدف إلى وضع ريع احتياطي لما بعد انتهاء الثروة النفطية. يُقدر هذا الحساب في كانون الثاني من العام  الفين واربعة عشر  بستمئة وسبعة مليار يورو أي ما يُعادل مليون كرون أو 120000 يورو لكل مواطن، وعليه فكل نرويجي هو الآن مليونير بالعملة المحلية. يستمر النرويجيون في العمل وصيد السمك والتصنيع مما يُغنيهم عن البترول، ولا يتم استثمار ريع النفط في صناعة الأسلحة ولا السجائر. ويُستثمر فقط من طرف الشركات المسؤوله الصديقة للبيئة والبعيده عن السرقة (بمفهوم المال الحلال عند المسلمين).

هذا هو الحكم الرشيد الذي كان يجب أن يحدث في الدول ذات الثروات الطبيعية كافة، هذا فعلا رمز وعي المجتمع المدني النرويجي الذي أفرز أحزابه الديمقراطيه والذي حدد لها مسارها وسياساتها، فأين مجتمعاتنا من ذلك.

الغنى والفقر ليس نتاج فعل الطبيعة وثرواتها وإنما هو نتاج حيوية المجتمع المدني ومقدرته على فرز ومراقبة مجتمع سياسي يأتمر بأمره. الأصل بالأمم في هذا الزمن هو الشعب. هو مصدر السلطة ومصدر القانون.

المجتمعات المدنية الأوروبية بُنيت وترعرعت بعد قرون من النضال واستطاعت أن تفرض مجتمعا سياسيا مُكملا لها. استطاعت فرنسا وألمانيا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية أن تبنيا معاً نواة التعاون بينهما في مجال الحديد والفحم لبناء ما دمرته الحرب بعد أن تخلصتا من وضع سياسي فاشي ونازي، كان متناقضاً تماماً مع مفهوم ومطالب المجتمعات في دولها.

بدأ البنيان الأوروبي الحديث فوراً بعد الحرب عن طريق فتح الحدود أمام حركة الطاقة (الفحم) ومواد البناء الأساسية ( الحديد) وكأن هاتين الدولتين لم تخوضا حرباً ضروسا  بينهما مُخلفة ملايين القتلى. أولوية التعاون بعد الحرب غلبت على أولوية الانتقام والمصالح الحزبية وهذا ما سمح ببناء أوروبا الحديثة، والتي تعرف منذ أكثر من ستين عاماً سلاماً بين دولها المشاركة لم تعرفه منطقة اخرى في العالم.

كما نرى فإن تقارب المصالح من فتح الحدود وبناء الجسور بين الشعوب، هو الذي يقود إلى الرخاء والاستقرار وإنهاء الحروب.

المجتمع الأوروبي قوي جداً، تُعبر عنه الاتحادات والنقابات وكذلك الجمعيات المختلفة في أمور شتى، والتي لا تترك صغيره ولا كبيره إلا وأبدت رأيها فيها، وتحركت ضدها حين الضرورة، يكون ذلك من خلال الانتخابات أو المظاهرات والاعتصامات. السلطة والأحزاب في أوروبا لا تستطيع أن تستعمل اللعبة الديمقراطية لتمرير ما لا يريده الناس أو ما يعتبرونه متناقضا مع مصالحهم وقيمهم.

لقد صوت البرلمان الفرنسي في سنة 1984 على مشروع قرار تطوير وإعانة المدارس الخاصة الدينية، وهو ما أدى إلى خروج الملايين الذين اعتبروا ذلك انتقاصاً للعلمانية وفصل الدولة عن الدين مما اضطر الرئيس الفرنسي فرانسوا ميتيران وحكومته إلى التراجع عن هذا القانون رغم أنه كان مُقراً من قبل البرلمان. حدث ذلك أيضاً في 2006 عندما اضطرت الحكومة الفرنسية لسحب قانون العمل الذي عرضه دومينيك دوفيلبان، رئيس الوزراء، على البرلمان تحت ضغط المتظاهرين. أيضاً في سويسرا يصوت السكان مرات عدة  في السنة على القوانين كافة وهو ما يعتبر فعلا ديمقراطية مباشرة.

هذه نماذج تُعبر عن قوة المجتمع المدني المنظم في الدول الديمقراطية. النظام الديمقراطي يسمح بكل تأكيد بوجود هذه المعادله المتوازنه ويعطي للوسط السياسي حق التعبير عن مصلحة الناس وحق قيادة الدوله بناءً على فهمه لحاجات مجتمع مدني واع وقوي ومراقب لتصرفات السياسيين، وليس فقط مجموعة من الناس تذهب كل أربع أو خمس سنوات للتصويت لانتخاب ممثليها ثم تعود إلى سُباتها.

في وطننا العربي لا يوجد عملياً تعبير حقيقي على المجتمع المدني، النظام السلطوي الاستبدادي هو نتاج ذلك وليس سببه، وكما قال الرسول الكريم ” كما تكونوا يُولى عليكم”، فمن يقبل الانتقاص من حريته يتحمل مسؤولية ما يحدث له. في بلادنا ذات التاريخ المجيد نجد شبه انعدام للمجتمع المدني بمفهومه المنظم (النقابات، الاتحادات الحرة المستقلة …الخ) وانفراداً للأحزاب بالسطو على مقدرات الأمه، وهنا نحن لن نفرق بين الأحزاب والقوى المتواجده بالسلطة أو تلك الموجوده خارجها وحتى عندما تكون بالمعتقلات. في بلادنا إن استولت قوة معارضه على السلطه فهي لتستبدل سلطه انفرادية بسلطه أخرى  مشابهة  دون الالتفات للمجتمع المدني.

نرى هنا أن انعدام المجتمع المدني المنظم لا يستطيع أن يُفرز إلا أنظمة استبدادية.

انظر إلى الأنظمة العربية في دولنا منذ الخمسينيات ترى أن كل التغيرات السياسية بالسلطه كانت سلطوية، ولم يكن هناك أي نظام ديمقراطي على مدى أكثر من 60 عاماً. نؤكد هنا من جديد أن السبب الأساسي في ذلك هو انعدام الرقابة الشعبية على الأحزاب عن طريق الانتخابات مثلاً، وانعدام مفهوم تطوير المجتمع المدني، لدى هذه الأحزاب وانفرادها وترفعها على الاستماع للجمهور، وهذا ما قد نسميه بالطرش السياسي للأحزاب والذي قد نضيفه إلى عمى المجتمع المدني، أي عدم وجود مجتمع مدني منظم.

حتى نتمكن من تغييير شيء في واقعنا، أرى أن علينا أولاً نحن المواطنين العاديين، المهنيين، و المثقفين… كتاباً وصحفيين ومفكرين، أن نبدأ في وضع أسس لمجتمع مدني عربي قوي كأولوية وقبل أي شيء، وستكون السياسه والأحزاب بعد ذلك تحصيل حاصل. يتوجب لذلك الابتعاد عن الشعارات الحزبية والاقتراب من الشعارات الاجتماعية، كمثال واضح على ذلك هو الثورة التونسيه في كانون ثاني 2010، والتي بدأت ربيع المجتمعات المدنية العربية. لم يرفع التونسيون شعارات العداء للإمبرياليه والاستعمار كقوى السلطة والمعارضه منذ عشرات السنين، وإنما طالبوا بالعدالة الاجتماعية وكرامة المواطن. لم نر في هذه المظاهرات حرقا لأعلام فرنسا المُستعمر السابق أو أميركا امبراطورية العصر وداعمة إسرائيل، هذه حقاً هي روح المجتمع المدني، تبقى تونس لنا مدرسة مند البداية وحتى الآن، حيث تراجعت الأحزاب (مثلاً حزب النهضه) أمام مطلب الناس بقانون مدني اجتماعي، وأفرز الحراك التونسي عن وجه جديد فيه الأولوية للمواطن وحقوقه وخصوصاً حقه في تحديد سياسة الدوله وأيضاً مراقبتها بكل الوسائل، بما فيها التجمعات، الاعتصامات والمظاهرات.

في الدول الديمقراطية تُقابل مطالب المجتمع المدني دائما من السلطه بالنقاش والأخد والرد. وتُحل المشاكل المطروحه بناءاً على مطالب الناس. في دولنا لسوء حظنا قوبلت مطالب المتظاهرين في دول الربيع العربي بالقنابل والرصاص والبراميل المتفجره، هذا العنف المُفرط أمام مطالب الكرامة والحرية من مجتمع يدل على مدى مصداقية هذه المطالب وحاجتنا لها.

قتل الآلاف وتشريد الملايين هو جواب السلطه الطرشاء على حراك المجتمع بعد أن رفع عن عينيه الغشاوة وبدأ بالنظر باتجاه آخر غير اتجاه ما تريده السلطة الناهبه أو الأحزاب له من شعارات فضفاضه لتحييده عن الحراك لاستعادة دوره الطبيعي كأساس تُبنى له وعليه ومن أجله كل الشعارات.

 

 

باريس 28/1/2015

 

 

 

الفكر الصهيوني وانعكاسه على الواقع الصحي الفلسطيني

 

 

الفكر الصهيوني وانعكاسه على الواقع الصحي الفلسطيني

                                            د. نزار بدران

 

يشكل هدف تدمير البنية التحتية للمجتمع الفلسطيني، المُتواصل منذ بداية إقامة  إسرائيل إلى اليوم، بشكل أساس، إلى تهجير المواطنين الفلسطينيين من أراضيهم، حتى تتمكن إسرائيل من تحقيق شعار الحلم الصهيوني الذي سبق له الزعم أنه يهدف لاستيطان “أرض بلا شعب لشعب بلا أرض”!.

هذا ما يترجمه الواقع على كافة المستويات، فحلم هرتزل في نهاية القرن التاسع عشر، حاول بن غوريون تحقيقه بتهجير الجزء الأكبر من الفلسطينيين لحظة قيام دولة إسرائيل. فالأرض بلا شعب من وجهة نظر الصهيونية وهيرتزل، هي في الحقيقة ليست تشخيصاً للحالة التي كانت عليها فلسطين في تلك الفترة؛ وهم أول من يُدرك ذلك، فلسطين كانت مليئة بسكانها وفلاحيها وعمالها ومتعلميها ومعاهدها ومدارسها وكل مقومات الشعب، لكن الحقيقة أن هذا هو شعار مرفوع لحُلم كانوا دوماً يعملون لتحقيقه، وهو تفريغ فلسطين من سكانها العرب.

بعد نكبة 1948 وخروج مئات آلاف اللاجئين من ديارهم، طرداً وعدواناً وتآمراً من أطراف عربية في ذاك الزمن، رفع بن غوريون أول رؤساء إسرائيل، شعار “الكبار يموتون والصغار ينسون”، بمعنى أن الأرض التي اُحتلت وأُفرغت لن يعود لها أصحابها الشرعيون، بحسب ما اعتقد بن غوريون يومها.

هذا الحلُم الصهيوني تحقق جُزئياً، فالكبار فعلاً بدأوا يموتون، وهذه هي سنة الحياة، ولكن الشق الآخر، أي مقولة النسيان لم تتحقق، بل أصبح المُهجر الفلسطيني الإبن أكثر تُعلقاً ونضالا وعملا من أجل وطنه, وشعار حق العودة أصبح في اوروبا عند الجالية الفلسطينية وسيلة لتجميع قواها، للضغط في أوطانها الجديدة للعمل لتغيير سياسات الغرب واقرار حق العودة، وانطلاق شرارة المُقاطعة الاقتصادية لإسرائيل المدعومة من تلك الجالية المُهجرة، قلبت حُلم بن غوريون إلى كابوس لنتنياهو، فإسرائيل قد بدأت تستشعر خطر هذا التوجه الجديد.

بعد نكسة 1967 واحتلال أجزاء كبيرة من فلسطين، وجد الإسرائيليون أنفسهم في مشكلة استعصاء تحقيق حُلم هيرتزل الأول، لم يترك الفلسطينيون وطنهم ولم تستطع آلة القمع الإسرائيلية أن تُجبرهم على الفرار أو الهجرة، فعادت إسرائيل إلى نقطة البداية، وهي العمل على إفراغ الأرض الفلسطينية.

منذ اللحظة الأولى للنكسة، ضمت إسرائيل القدس الشرقية، وبدأت تدمير البنية التحتية الفلسطينية الإنتاجية، وما تبعها من تحويل الفلسطينيين، من مُنتجين فاعلين إلى مستهلكين للبضائع الإسرائيلية. وكمثال على هذه السياسة سنُركز على الناحية الصحية، حيث قامت إسرائيل بشكل ممنهج، بتدمير البنيه الصحية، كإغلاق العديد من المستشفيات والمؤسسات الصحية الفلسطينية، ففي القدس تم إغلاق مستشفى الأطفال ومستشفى الهوسبيس، وإغلاق بنك الدم والمُختبر المركزي ومركز مكافحة الأورام، كذلك تم تحويل مستشفى الشيخ جراح والمستشفى المحلي إلى مراكز للشرطة الإسرائيلية.

في رام الله، تم إغلاق مستشفى الأمراض المُعدية، وتقليل عدد الأسرة على مدى عشرين عاماً، من 209 سرير في العام 1967 إلى 116 سرير عام 1987، بينما تزايد السكان من 115 ألف إلى 140 ألف نسمة (مركز أرض فلسطين للدراسات والتوثيق الفلسطيني). ثم تم نفس الشيء في باقي المدن الفلسطينية مثل نابلس، الخليل، طولكرم، بيت جالا، أريحا، بيت لحم…..الخ.

قامت إسرائيل بالإضرار بصناعة الأدوية التي كانت متواجدة قبل عام 67، وعزل القدس صحياً عن باقي الضفة الغربية وربطها اداريا وماليا، ومنع المرضى الفلسطينيين من الضفة الغربية وقطاع غزة من تلقي العلاج بمستشفيات المدينة إلا بإذن خاص.

كذلك فإن سياسة بناء الجدار العازل، لم تؤد فقط إلى مصادرة أراض جديدة، وتقليع الأشجار المثمرة، ومنع الفلاح من الوصول إلى حقله، والعامل إلى مكان عمله، والتلميذ إلى مدرسته، بل أيضاً منعت المريض من الوصول إلى مستشفاه أو طبيبه. فبحسب تقرير منظمة الصحة العالمية للعام 2015، فإن أكثر من 32% من الفلسطينيين في الضفة الغربية لم يعودوا قادرين على الوصول إلى مراكزهم الطبية، وسيتضاعف هذا الرقم عند الانتهاء من بناء الجدار، اكثر من 14% من سكان القدس البالغ عددهم 407 آلاف نسمة في القدس الشرقية، لم يعد بإمكانهم التواصل مع هذه المراكز، وهم بحاجة إلى تجاوز الجدار والحصول على إذن بذلك.

يتضح من هذا، أن تقطيع أوصال الضفة الغربية بالجدار والحواجز والمستوطنات، جعل وصول الحالات المُستعجلة للمستشفيات أو النساء الحوامل للولادة، صعبا بل ومستحيلا في بعض الحالات، كذلك إعاقة حركة الطواقم الطبية وسيارات الإسعاف.

كذلك يشكل حصار غزة، والذي يؤدي إلى حرمان مئات الآلاف من الحصول على العلاج والغذاء والماء الصالح للشرب، عقاباً جماعياً لانتخاب (حماس) وسيطرتها على القطاع، نتذكر ما كان يقول الإسرائيليون سابقاً في عهد ياسر عرفات، والذي حاصره الإسرائيليون عدة سنوات ثم اغتالوه، لأنهم كانوا يبررون ذلك بكونه العقبة الرئيسية أمام السلام، وهو ما يبرر بنظرهم مآسي الفلسطينيين ومعاقبتهم الجماعية. هل انتهت معاناتهم باختفاء ياسر عرفات وموافقة القيادة الجديدة على التراجع عن مبدأ الكفاح المسلح والاكتفاء بالمفاوضات كوسيلة وحيدة للسلام؟ بالطبع لا، لقد تزايد الاستيطان أكثر من أي وقت مضى وتزايدت مصادرة الأراضي الفلسطينية والتضييق على الفلسطينيين والاعتداء عليهم، حتى حرق الأطفال وأهاليهم وهم نيام، كما حدث مؤخراً مع الطفل علي درابشة وأسرته.

ما مصلحة إسرائيل إذن في منع المريض من الوصول إلى العلاج، والتلميذ إلى المدرسة؟ إنهم في الحقيقة لا يعاقبون أحداً، كما يدعون، على رفضه للسلام معهم، أو معاقبة الشعب الفلسطيني لرفضه احتلال وطنه، ولكنهم يطبقون سياسة ممنهجة، عملت منذ البدء على تفريغ البلاد من سكانها بكل الوسائل.

قد نتحمل الصعاب لفترة طويلة، ولكننا نتمنى دائماً أن تعيش أجيالنا اللاحقة في وضع جيد، وهذا بالضبط ما لا تريده إسرائيل، بل تسعى إلى أن يدفع المجتمع الفلسطيني أبناءه للهجرة إلى خارج الوطن. قد يحصل ذلك بعض الأحيان، حتى أن بعضهم ركب البحار وغامر بحياته، ومنهم من مات غرقاً، ولكن ذلك لم يؤد إلى تغيير المعادلة الموجودة حالياً، وهي أن الفلسطيني ثابت بأرضه وأرض أجداده، ولأول مرة بحسب التقديرات الإحصائية لهذا العام، تجاوز عدد الفلسطينيين في فلسطين التاريخية عدد اليهود.

الصهيونية هي فكر قادم من القرن الثامن عشر، وليس فكراً استعمارياً من القرن التاسع عشر، لأنه فكر المجرمين الذين رُحلوا وأُبعدوا من أوروبا عقابا لهم، إلى المنفى في أمريكا المُكتشفة حديثاً أو أستراليا، وليس فكر المُستعمرين أصحاب المصالح الاقتصادية الذين كانوا يبحثون عن مصالح دولهم وتحريك عجلة الثورة الصناعية، بنهب الثروات الطبيعية عند الآخرين. هو فكر مبني على إنهاء الآخر وليس على استغلاله والتعايش معه، كما حدث مع الاستعمار الفرنسي أو البريطاني لكثير من دول العالم، أو حتى جنوب أفريقيا العنصرية.

يتوجب على المفكرين والمحللين السياسيين أن يُظهروا هذا البُعد في الفكر الصهيوني، لتعرية الصهيونية وإظهارها على حقيقتها أمام الرأي العام الغربي والعالمي، وذلك بهدف تقوية حملة المقاطعة الاقتصادية لإسرائيل، كذلك إسناد وتقوية الأطراف الغربية الرسمية والشعبية التي تدعم الحق الفلسطيني.

طبيب عربي مقيم في فرنسا

الثورة السورية او الموت نيابة عن الاخرين

 

الثورة السورية

 أو الموت بالنيابة عن الآخرين!

د. نزار بدران 

في الخامس عشر من هذا الشهر، تكون قد مرت أربع سنوات على انطلاقة  الثورة السورية. ومذذاك يواجه الشعب السوري واللاجئون الفلسطينيون حرب إبادة من قِبل النظام السوري، لإبقائهم في بيت الطاعة..

هل كل هذا الدم النازف فقط بسبب تعنت النظام وجبروته، ونحن نرى جيشا مقطع الأوصال وشديد الإنهاك، وقد فقدت الطائفة العلوية – وهي عماد النظام-  الآلاف من أبنائها. بينما بات الكل يدرك أنه لولا الدعم الأجنبي، وخصوصا الروسي والإيراني، وتواطؤ الدول الغربية تحت ضغط اللوبي الصهيوني، لانتصرت الثورة السورية منذ زمن طويل.

لكن المستهدف حقيقة من هذه الحرب، والذي يفسر إصرار حلفاء النظام السوري على دعمه، هو إنهاء أي نفس ديمقراطي لما يشكله لهم من هاجس انتشار الحرية في بلادهم، وتصرفات بوتين في أوكرانيا وقمعه للمعارضة الروسية، واغتيال قادتها أكبر دليل على ذلك.

إيران آيات الله وأدت ربيعها سنة 2009، عندما قمعت “الثورة الخضراء” بقوة السلاح، ونفذت الاعدامات بالجملة. من يومها واستعدادات الدعم الايراني لكل حراك معاد للربيع العربي، من قبيل دعم الحوثيين باليمن، واستفراد الربيع البحريني، يعني أن الثورة المضادة بزعامة الملالي قد أطبقت في ليل على قوى الثورة في بلادنا، ليتضح أن هاجس قوى الثورة المضادة ذات التوجه الامبراطوري في إيران، ليس الدفاع عن الطائفة الشيعية كما تحاول أن تظهر، وإنما القضاء على أي مطالب بالحرية.

بدورها اسرائيل لم تكن لتتوقف يوما عن إظهار الخطر المحدق بها من المحور الايراني السوري اللبناني، لتطالب العالم بالتصدي له، ولكنها لم تنتهز فرصة انغماس هذا المحور بحرب داخلية طاحنة للانقضاض عليه، ومنعت عمليا أي تدخل غربي فعلي لصالح دعم الحراك الديمقراطي السوري، ولم تدع الحصان الأمريكي الهائج يتدخل إلا لصالح مصادرة الأسلحة الكيميائية وتدميرها، وذلك لتفادي خطر سقوطها بأيدي المعارضة وخروجها من اليد الأمينة. فالصهيونية تدرك ما يشكله الربيع العربي  وانتشار الديمقراطية من خطر وجودي على إسرائيل التي لم توجد إلا للامعان بتجزيء الأمة، والإبقاء على أنظمة الاستبداد.

من جهتها تحول الأنظمة العربية المرتعشة دون وصول أمل الحرية إلى شعوبها؛ لتقف صفا واحدا،  موحدة جهودها لمحاربة كل من نادى ورفع شعار أحقية المواطن باختيار قياداته السياسية عبر عملية ديمقراطية. فمن أجل ذلك تقوم حكومات الاستبداد بنقل تناقضاتها مع مجتمعاتها التي أفقرتها ونهبتها الى تناقضات داخل مكونات المجتمع نفسه،عامدة إلى خلق الأرضية  المناسبة للتناحر العرقي والطائفي، بينما الكل هم ضحايا هذه الأنظمة مند ستين عاما.

وحتى ترعب المطالبين بالحرية، فهي تلجأ إلى إثارة مخاطر الحركات الفاشية الجديدة، فيما هي وتحت راية محاربة الارهاب والتطرف، تقوم بتوحيد جهودها لقهر أي حراك ديمقراطي، وهذا ما سنراه في مؤتمر شرم الشيخ المزمع انعقاده لتكوين قوة مشتركة لمحاربة الإرهاب،  والذي يعني لهم طبعا كل من رفع كلمة الحرية، كما في رابعة العدوية، أو ساحة اللؤلؤة بالمنامة، وليس فاشيي “داعش”.

في الخلاصة فإن هذه الأنظمة لم تجتمع  لمحاربة إرهاب النظام السوري الذي قتل مئات الآلاف، وما اجتمعت لمحاربة إرهاب اسرائيل الذي يدمر غزة مرة كل سنتين، ويطرد الشعب الفلسطيني من أرضه يوميا ويحاول تهويد القدس.

الشعب السوري يدفع اذا ثمن الحرية التي يطالب بها المواطن العربي في أي بلد كان، فالضحايا الابرياء والأطفال المشردين والنساء الثكالى والشهداء، هم ثمن حريتنا جميعا.

لقد اصطدم تسونامي “الربيع العربي” الجارف في سوريا بصخرة تحالف المستبدين، وتواطؤ الغرب معهم. حتى أن ارتداده إلى الخلف هو أيضا جارف، فتواطؤ القوى المعادية لأي تغيير ديمقراطي في بلادنا، مستفيدين مما يجري في سوريا، أدى الى مذابح رابعة العدوية وارتداد الثورة المصرية وعودة مصر الى اسوأ مما كانت. لتتواصل موجات هذا التسونامي المرتد لتصل إلى ليبيا، حيث  وصل الأمر بأن يزود خليفة حفتر المدعوم من دول الخليج ومصر وأمريكا في آن واحد، بكل الوسائل للقضاء على الثورة الليبية التي تصور البعض مخطئا، أنها كانت صنيعة الغرب. وما يحدث في اليمن من انتشار للثورة المضادة التي يقودها الحوثيون، المدعومين مباشرة من إيران، إلا شكل آخر من أشكال هذا الارتداد.

الشعب السوري بإصراره على المضي بثورته، ورفضه العودة لزمن العبودية، يدفع من دم أبنائه ثمن حريتي وحريتك، وحقي وحقك بأن نعيش في وطن يحفظ لنا حقوقنا، ويدافع عنها، بدل أن نكون رعاعا وخدما للحكام وأسيادهم.

إن نصرة الشعب السوري هي إذن مهمة الأمة، ومهمة كل مواطن حر، من أجل الدفاع عن النفس. وسيكون انتصار الثورة السورية بمثابة نقطة اللا عودة، كي يتقدم الربيع العربي من جديد، وتتوقف أمواج الردة، بل وكي تعود الثورة من جديد الى ألق بداياتها.

وحدة كل قوى التغيير الديمقراطي في وطننا الكبير، والتوقف عن الانكفاء على مشاكلنا القطرية، والانتباه الى توحد معسكر أعداء الديمقراطية؛ هو الكفيل بإعادة البوصلة الى اتجاهها السليم، وإعطاء الزخم الضروري للنصر.

ليكن شعارنا كلنا سوريا وكلنا سوريون.

 

الأتفاق النووي ونذر بداية شرق اوسط جديد

 القدس العربي تموز 2015

الاتفاق النووي

ونذر بداية “شرق أوسط جديد”!

 نزار بدران

في اليوم التالي لإعلان إيران “انتصارها” في مفاوضاتها مع الغرب، للحد من قُدراتها النووية، كان آية الله خامنئي (مرشد الثورة)، يعلن أنه “لا توجد نية لإيران لوقف عدائها لأمريكا والغرب، وأن هذا الاتفاق هو وضع استثنائي”. وذلك في رسالة واضحة إلى شعبه، مفادها استبعاد أي أمل بالانفتاح الديمقراطي، وتخفيف القبضة البوليسية على الناس، وقمع المعارضة، تحت ذرائع الخطر الإسرائيلي والغربي.

أما خروج آلاف الناس إلى الشوارع للاحتفال، فلم يكن تعبيرا عن انتصارهم على أمريكا وإسرائيل، وتأييدهم لسياسة المرشد؛ وإنما لإظهار أملهم في الخروج من عزلتهم، وإعادة العلاقات مع الغرب وعلى رأسه أمريكا، وإنهاء الحروب التي دخلتها إيران، أملاً في استعادة حريتهم وتمتعهم بحياة أفضل.

إيران في شكل واضح، ورغم تصريحات مرشدها وقائدها الأعلى، غير المُنتخب، والمُعين فقط من رجال الدين؛ قررت حقيقة التراجع إلى الخلف، والرضوخ للمطالب الأمريكية، وما تصريحات الخامنئي العنترية، إلا تخويفاً للرأي العام المحلي، وتوصيل رسالة للمعارضة الإيرانية، أنه لن يُسمح لها في أي شكل من الأشكال بالتعبير عن نفسها، في ظل ما يُسمى الانفتاح وسياسة الإصلاح. هذا الانفتاح هو فقط في اتجاه أمريكا، وعودة لإيران كما كانت في زمن ما قبل الثورة إلى الحضن الأمريكي، واستمرار القمع الداخلي على ما كان عليه الوضع أيام “السافاك” في زمن الشاه، وكلنا نتذكر كم كانت قبضة السافاك قوية أيامها ضد المجتمع وضد المعارضة بكل أطيافها.

من يقرأ نصوص الاتفاق النووي، وآراء الخبراء، يرى بوضوح موافقة الحكومة الإيرانية على تقليص مشروعها بشكل كبير، وبما يمنع أي إمكانية لاستعماله في المستقبل لفعل أي شيء بدون موافقة دول الغرب. فيما يحاول بعض المفكرين والكتاب العرب، قراءة “انتصار” ما في هذا الاتفاق، خصوصاً مفهوم رفع الحصار وعودة إيران إلى النمو الاقتصادي السريع، وتحسين الظروف الحياتية لسكانها، فلماذا إذن الدخول أصلاً في هذا الحصار، الذي لن ينتهي حتى مع انتهاء المشروع النووي؟.

ما قدمته دول 5 + 1 هو وعد برفع الحصار الاقتصادي ابتداءً من العام 2016، وفي بعض المجالات، بموافقة مجلس الأمن الدولي، مقابل التراجع التام عن المشاريع النووية (رغم بعض مظاهر السيادة الشكلية)، وهذا لن يتحقق كما تريد السلطة الإيرانية بشقيها الإصلاحي والمُتشدد؛ إلا تدريجياً وعلى مدار سنوات طويلة، وتحت طائلة عودة العقوبات، حين يعتبر الغربيون أن إيران لم تحترم التزاماتها (خلال مدة 65 يوماً).

أين يكمن إذن الانتصار الإيراني؟ الحقيقة أن كافة الأنظمة الفاقدة للديمقراطية، لا تأخذ في الاعتبار إلا مصلحة بقاء النظام ولا شىء غيره؛ سياساتها الخارجية موجهة في خدمة هذا الهدف, وواقعها السياسي هو التمكن من السيطرة على مقاليد السلطة خارج الشرعية الشعبية، أو بشرعيات شكلية، كما حدث بالاتحاد السوفيتي سابقاً مع انتخابات الحزب الشيوعي، أو كما يحدث في إيران من انتخابات لا يتم قبول المُرشحين فيها إلا لأعضاء الأحزاب الدينية التابعة أصلاً للنظام الموجود. وأي معارضة أخرى ديمقراطية تُجابه بالحديد والنار والاتهام بالعمالة لأمريكا، وليس بعيداً عنا تلك الإعدامات شنقا التي حصلت في إيران.

لذلك لن يغير الاتفاق الإيراني الغربي الأخير، حتى ولو شاركت به دول أخرى شكلياً، كروسيا والصين، من واقع الحال، ولن يغير من الاتجاه الإيراني في ظل سلطة “الولي الفقيه” صوب البقاء عند حدود النظام الديني أو القطيعة معه، لصالح الدولة المدنية. فالمشكلة المطروحة على سلطة آيات الله، هو خطر اندلاع احتجاجات واسعة، كما حدث قبل سقوط الشاه، أو كما في الحراك الديمقراطي لعام 2009، والذي قوبل بقمع شديد. هذا الخطر يتزايد يومياً عندما نعرف عُمق حضارة الشعب الإيراني، وإرادة شبابه المُعلنة بالانعتاق من النظام الثيوقراطي المشبع بأفكار وأيديولوجيات القرون الوسطى. وكثير من المراقبين منذ 2009 وبعد أحداث الربيع العربي والتورط الإيراني لصالح الأنظمة القمعية العربية، اظهروا مدى احتقان الوضع الداخلي الإيراني، والذي ازداد مع فرض العقوبات الاقتصادية الغربية الخانقة.

إن اهتمام النظام الإيراني بالسلاح النووي، وتركه الأمور الاقتصادية تتدهور باستمرار، وقمع الحريات العامة، يُظهر مدى تقوقع هذا النظام على نفسه، ومحاولاته اليائسة لتخويف الشعب الإيراني بكل الوسائل. والكل يعلم أن هكذا دول لا تسعى إلى امتلاك السلاح النووي أو الفتاك، إلا لمراقبة شعوبها وتخويف ألآخرين لمنعهم من التدخل، مثال ذلك كوريا الشمالية التي يموت شعبها جوعاً، بينما هي تطور برامجها النووية، وكذلك مثال نظام الفصل العنصري بجنوب أفريقيا، والذي كان يعمل على تطوير السلاح النووي، فقط من أجل تخويف السكان السود، وأزاله مانديلا طوعياً بدون طلب من أحد، لأنه أدرك أن هكذا سلاح هو أولاً يشكل خطرا على شعبه نفسه. ومثال الاتحاد السوفيتي سابقاً، وروسيا حالياً، والتي تُكدس الأسلحة النووية، بينما هي غير قادرة على تحقيق الحد الأدنى من الحياة الكريمة لمواطنيها، ومثال النظامين السوري والعراقي زمن صدام حسين، اللذين لم يستعملا أسلحتهما الكيميائية إلا ضد شعبيهما.

هذه الأنظمة تظن بعملها أنها يمكن أن تحمي نفسها من ثورات شعوبها، وكالعادة هي لا تحمي أحداً، وفوق ذلك تعرض بلادها للدمار والخراب. وما التراجع الإيراني الأخير؛ كنزع السلاح الكيميائي السوري، إنما هو حقيقة انتصار لإيران وسوريا، ولكن لإيران الشعب المظلوم وسوريا الأطفال المحروقين بالسلاح الكيميائي، وليس انتصاراً لإسرائيل، التي لم تخش يوماً من تلك الأسلحة التي تُدرك تماماً أنها ليست موجهة إليها، وتنازُل أصحابها عنها أمام أول ضغط غربي لمصلحة إسرائيل، وكما فعل القذافي أيضاً في زمنه.

رغم كل ذلك، فقد استعملت إسرائيل الاتفاق الأخير، لطلب المزيد من الدعم الأمريكي لترسانتها الهائلة، بينما لم يُفدنا تكدس الأسلحة الإيرانية، بقدر ما أدى ذلك إلى زيادة قوة إسرائيل وقدرتها على فرض إرادتها على المنطقة، وابتزاز صانع القرار ألأمريكي, وما صيحات نتنياهو الاحتجاجية منذ عدة أيام، إلا لرغبته في الحصول على “تعويض” من أمريكا، وهذا ما بدأنا نشهد خطوات في اتجاهه، يتجلى بالحصول على المزيد من القدرات العسكرية والاقتصادية؛ وبالتأكيد عبر دعم أمني وسياسي، على حساب القضية الفلسطينية، كتأييد الاستيطان، ودعم مواقف الحكومة الإسرائيلية.

أما لجهة الرفع التدريجي للحظر الأمريكي الغربي عن إيران، فسيكون كالسيف المرفوع، يُجبر إيران على تقديم التنازلات المستمرة، فهي بين سندان الشعب الإيراني المُتعطش للحرية بعد سنوات طويلة من الاستبداد، ومطرقة عودة الحصار.

أما الانفتاح الاقتصادي الذي يمكن أن يحدث، إزاء الشركات الغربية والعالمية، فهو لن يُستعمل إلا لزيادة ثراء قوى البازار ورجال الدين المُستغلين، ورجال الأعمال وجنرالات الحرس الثوري، وأجهزة النظام القمعية ضد المُستضعفين في الأرض أبناء الشعب الفقير، وزيادة إمكانات الفساد، حيث إن حكومة مفروضة على الشعب، من دون رقابة، لن تتمكن من طرح حلول جذرية للمشاكل الاقتصادية الإيرانية، وإلا لرأينا ذلك منذ ستة وثلاثين عاماً من الحكم الديني.

الهدف غير المعلن للاتفاق الأخير، هو ضم إيران إلى معسكر التحالفات الأمريكية في المنطقة، الهادفة إلى بناء “شرق أوسط جديد” ربما بدا حقيقيا هذه المرة، كونه سوف يُبنى على محور جديد، سيظهر لنا بعد فترة؛ وهو المحور الإسرائيلي الإيراني لمواجهة الخطر القادم من مستقبل الأمة العربية الزاحف ببطء، ولكن بإصرار نحو الديمقراطية والحرية. المحور الجديد لن يكون ضد الدول العربية الحالية، والتي هي أصلاً في معظمها جزء من هذا الحلف، ولكنه لمنع أو التأخير قدر الإمكان من إمكانية نهوض الأمة، الذي يُشكل بحق الخطر الوجودي على إسرائيل.

“الشرق الأوسط الجديد”، الذي يخطط له من قبل اللوبي الصهيوني، هو تجميع القوى التي تستطيع أن تُشكل حجر عثرة أمام مستقبلنا كأمة موحدة وحرة، وليس قادماً من الحراك العربي الديمقراطي نفسه، أعداء هذا الحراك هم الآن في طور إنشاء تحالفاتهم، كما رأينا في العراق بتحالف إيران مع أمريكا، أو سكوت أمريكا عن إيران في سوريا لصالح إسرائيل، أو في الاتفاق النووي الأخير.

على أن إنجرار إيران وراء السراب الأمريكي، هو ما نراه حالياً، فالنظام الإيراني لن يستطيع أن يحمي نفسه طويلا، والإنفتاح على المجتمع سيحصل عاجلاً أم آجلاً، وما يتصوره مخططو الاتفاق الأخير؛ قد ينقلب عليهم، فهدف اختيار رئيس إصلاحي من قبل المُتشددين قبل عامين، ثم الانخراط في المفاوضات انتهاءً بالاتفاق النووي، لم يهدف إلا لإعطاء الانطباع للشعب بأن أحواله ستتحسن، وبذلك يُبعد النظام خطر الثورة وعودة ربيع 2009.

الحقيقة التي لم تفهمها هذه الأنظمة المستبدة، هو أن المعارضة المُكبلة حالياً بحُجة العداء لأمريكا والخطر الإسرائيلي، ستكون أكثر حرية وتأثيراً على الشعب الإيراني لتعبئته ضد السلطة، عندما يزول عذر الحصار والعداء لــ “لشيطان الأكبر”، لأن هذا الانفتاح إن حصل؛ لن يُغير شيئاً من الوضع الاجتماعي والاقتصادي، أو في مجال الحريات العامة، وحقوق الأقليات، وحقوق الإنسان بشكل عام.

تصريحات الخامنئي حول استمرار العداء لأمريكا وإسرائيل، في أعقاب الاتفاق النووي، هو ذر للرماد في العيون، وسنرى في الأشهر والسنوات القادمة عودة التحالف كما كان زمن الشاه، التحالف مع إسرائيل ضد الربيع العربي هو الثمن الحقيقي الذي على إيران أن تدفعه لرفع العقوبات نهائياً، ولإطلاق  يد النظام لعمل ما يشاء داخل بلده (كما كان زمن الشاه).

“الشرق الأوسط الجديد” هو في الحقيقة، عودة لزمن تحالفات الستينات من القرن الماضي، زمن المد العربي الناصري، يوم كانت قوى القومية العربية تقف في مواجهة الأنظمة الرجعية زائد التحالف الإسرائيلي الإيراني (وفي زمنه التركي). على أن مواجهة هذا الحلف القادم، لن تتم إلا بأيدي أبناء شعب إيران ومعارضته الديمقراطية، التي لن تقبل على نفسها، أن تبقى أسيرة الخضوع لنظام ثيوقراطي مُستبد، لم يعمل منذ صعوده إلى السلطة؛ إلا لعزل إيران عن العالم، ووضع ثرواتها في خدمة القلة الداخلية، أو لصالح الشركات الأجنبية.

إن مواجهة الخطر القادم من تحالفات هذا “الشرق الأوسط الجديد”، تكمن في الإصرار على النضال من أجل الحريات العامة، والعدالة الاجتماعية وحقوق المواطن في كل بلداننا، إذ وحدها دول المواطنة، والتي يستمد قادتها شرعيتهم من شعوبهم، ويعملون تحت رقابتها الدائمة، هي القادرة حقاً على الدفاع عن مصالحها، ومعاملة العالم ودوله بسياسة الند للند، والمصلحة مقابل المصلحة، خارج أي اعتبار سلطوي. وذلك عبر تجميع ووحدة قوى الديمقراطية في أوطاننا،  وكوسيلة ضرورية لمواجهة اللوبي الصهيوني و”شرقه الأوسط الجديد”، وهو الكفيل بحماية مستقبلنا جميعاً؛ عرباً كنا أو إيرانيين أو أتراكا.

سياسات الدول وتضامن الشعوب

سياسات الدول وتضامن الشعوب

نزار بدران

عندما تتظاهر الشعوب بأعداد غفيره أو ما نسميه في بلادنا بالمليونيات، فإنها ترفع دائماً شعارات ثورية تدافع فيها عن قيم ومبادئ تعتبرها أساسية؛ فمليونيات ساحة التحرير بالقاهرة إبان الربيع العربي نادت بالحرية والعدالة الاجتماعية، ومرورا  باليمن سمعنا نفس الشعارات ونفس المطالب وكذلك في سوريا حين بدأت الثورة وصولاً للحراك البحراني عندما كان زخمه قوياً. نجد ذات المطالب في تظاهرات أوكرانيا وبوركينا فاسو اللواتي أطاحتا بالنظام القائم خلال العام الماضي ; حرية، كرامة ، ديمقراطية  عدالة اجتماعية و إسقاط الفساد.

الثورات المضادة وقوى النظام القائم تتصدى دائماً لهذه التحركات محاولة إخمادها في مهدها، والقضاء عليها حتى لو أدى ذلك إلى خراب البلاد والعباد. رأينا ذلك في ساحة  تيانينمن سنة 1989 في بكين أو رابعة العدوية في القاهرة أو مذابح سوريا الحالية.

عندما تحرك المواطنون الفرنسيون بالملايين بعد اعتداءات شارلي إيبدو ومناطق أخرى في باريس ، رفعوا أيضاً نفس الشعارات ؛ ولكن في ظل النظام الديمقراطي القائم  ، مطالبهم كانت تأكيد الحرية والديمقراطية وقيم الجمهورية التي رسّخوها مند أكثر من قرنين خاصة العلمانية وحرية التعبير.

وكما في ميدان التحرير لم نسمع في ميدان الجمهورية في باريس شعارات غير ذلك. لم يطالب أحد في تلك المظاهرة المليونية بالقصاص من العرب أو المسلمين، بل رفعوا شعارات المحبة والإخاء والتضامن بين كافة مكونات المجتمع الفرنسي ، لم يتفوه أحد بكلمة واحدة ضد العرب والمسلمين، بل طالبوا باحترام حقوقهم وخصوصياتهم.

أعرف ذلك تماماً فقد عشت ذلك اليوم كله وكنت جزءاً منه. وأي شعارات مسيئة خارج هذا الإطار تكاد لا تعد على أصابع اليد الواحدة من بين مليوني متظاهر.

إذاً  تدافع الشعوب دوماً عن مبادئ وقيم، بينما في المقابل تقوم السلطات في الدول الديمقراطية بالدفاع عن مصالح بلدانها وشعوبها قبل الاعتبارات الأخلاقية ، فالعلاقات الدولية كما نعرف مبنية على مبدأ التنافس وفي بعض الأحيان التناقض وعلى ومبدأ السيادة الذي يؤكده عملياً غياب قانون دولي مُلزم حقاً، لا تقبل هذه الدول التنازل عن جزء من سيادتها والاهتمام  بمصالح الآخرين إلا في إطار التجمعات الجهوية :  كالاتحاد الأوروبي الذي حد من سيادة أعضائه في ميادين مختلفة  ….فهو من الناحية الاقتصادية  وضع عملة موحده ورفع الرقابة على الحدود الداخلية للاتحاد وحرية التنقل والاستثمار والعمل. نلاحظ إذا أن مفهوم تفضيل المبدأ على المصلحة الضيقة للدول بحاجة إلى الحد من مفهوم السيادة والالتزام بقوانين مُلزمة للجميع بما فيها محكمة وهيئات مراقبة تفرض حين اللزوم العقوبات والغرامات.

في غياب هذه التجمعات الجهويّة لا يوجد اعتبار حقيقي في العلاقات بين الدول للمبادئ والقيم المُعلنه، هذه قواعد في السياسة من الصعب تغييرها دون إعادة النظر في القانون الدولي لتحويله إلى قانون مُلزم منتقصاً بذلك من سيادات الدول.

هذا التناقض بين مطالب الجماهير المتظاهرة بالملايين في ميدان الجمهورية بباريس وباقي فرنسا المُطالبة برفع والدفاع عن قيم الجمهورية الفرنسية من حرية وعلمانية تتناقض في ظاهرها مع سياسات الدولة الفرنسية المبنية على مبدأ المصالح كباقي دول العالم.

ولكن لو نظرنا قليلاً في العلاقة الجدلية بين شعوب هذه الدول الديمقراطية وحكوماتها وأحزابها فإننا نرى أن الأولوية في التأثير هي للرأي العام. أي لو استمر الفرنسيون بزخمهم الحالي في رفع شعارات الحرية والأخوة والتضامن والتي هي شعارات ثورتهم قبل قرنين فإن السلطات ستضطر لأخذ ذلك في الحسبان حين تمارس سياساتها الداخلية والخارجية.

انتقاداتنا للموقف الفرنسي إذا يجب أن يتوقف طويلا  حول هذه النقطة، وبرأيي أنه يجدر بمفكرينا وكتابنا وقادة الرأي العام أن يوضحوا أهمية العمل في الداخل الفرنسي والأوروبي للتأثير على الرأي العام لصالح المبادئ والقيم المشتركة بيننا وبينهم أي أولوية الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية في العلاقات بين الشعوب وغيابها في العلاقات بين الدول.

إنه من الخطأ باعتقادي، أن ننتقد الملايين التي رفعت شعار ” أنا شارلي ” ورفع شعارات مضادة  ” أنا لست شارلي ” مثلا، لأن هذا سيزيد من عزلتنا نحن الأقلية في فرنسا ويضع مستقبلنا ومستقبل أبنائنا في هذه البلاد في خطر. إن مبدأ الوقوف مع ملايين الشعب الفرنسي المتظاهرة والتي هي بحق تدافع عن مفاهيم مشتركة للإنسانية كحرية الرأي والتعبير ” بما فيها حرية النقد والاحتجاج ” وكرامة الإنسان بدون الالتفات للخصوصيات التي تُفرق كالاعتقاد الديني أو اللون أو الجنس.

إن تضامننا هذا سيعطينا زخماً حتى نطالب أيضاً بدعم هذه الشعوب لنا في بلداننا، والضغط على حكوماتها وهيئاتها السياسية لكي تفضل أهمية المبدأ التي ترفعه عالياً حناجر المتظاهرين على أهمية المصلحة التي ترفعها الحكومات أو على الأقل التوفيق بينهما.

ردة فعلنا كعرب ومسلمين على أحداث فرنسا يجب ان تكون واضحةً ; نحن مع الشعب الفرنسي في محنته دون أي تحفظ ، هذا ما يمليه علينا المنطق والمفهوم الإنساني لتضامن الشعوب  والمصلحة كذلك.

تعثر الربيع العربي بعد نجاحات أولية وعُنف الرد من طرف الثورة المضادة كما نرى في سوريا مثلا، حيث قُتل مئات الآلاف وشُرد الملايين سمح بظهور قوة جديدة مبنية على المفهوم المتطرف للدين الإسلامي السمح الداعي إلى استبدال  الديكتاتورية في بلادنا باستبداد آخر قد يكون أسوأ منه.

أبناء الربيع العربي خرجوا بالملايين كما رأينا بتونس ثم ساحة التحرير رافعين شعارات الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية هذه النداءات تردد صداها  في الوطن العربي. عنف الرد لا يعني زيف الربيع العربي ولكنه يؤكد ضرورته وحتمية نجاحه، ولكن لم نكن لنتصور هذا العنف المضاد من انظمة كانت وما زالت تدّعي النضال ضد الاستعمار والصهيونية.

قوى اليمين الديني المُتطرف تضع أمام قوى هذا الربيع العربي وهو ضعيف التسليح وفقير الوسائل سداً جديداً وعقبة إضافية كنا بغنى عنها. ولكن هذا لن يوقف زحف الحداثة في وطننا العربي لأن ملايين الشباب لم يعودوا يخافون شيئاً وسيعود الربيع العربي مهما طال الزمن إلى المسار الصحيح.

وقوفنا نحن المؤمنين بحق الانسان بالحرية والكرامة في بلادنا وبلاد غيرنا مع الفرنسيين في مليونياتهم سيمنحنا الوسيلة للبدء بالتأثير على السياسات الغربية لصالحنا.

التمييز بين السلطة والشعب حتى في الدول الديمقراطية والعمل الدؤوب مع الشعوب للتأثير على السلطة هو ما سيصب في صالح انتصار قوى الربيع العربي على أعدائه، وهو الذي سيحمي الأقليات العربية والإسلامية من القوى اليمينية المتطرفة في ذلك الغرب نفسه.

رفع شعار ” أنا شارلي ” في شوارع فرنسا لا يعني أبداً دعم الشعب الفرنسي للرسومات المسيئة للرسول الكريم وإنما تعني رفضها للاعتداء على حرياتها، وهي لا تتصور حل مشاكلها بالسلاح بل بالقانون وبالقضاء رفع شعار ” أنا شارلي ” من طرف الجالية اللإسلامية أو ” هذا ليس بإسمي ” هو أيضاً لنفس الهدف.

لنتعلم عدم الخلط بين الأمور واستثمار مناسبة نادرة كهذا الحراك الواسع للشعب الفرنسي حتى نطالبه ونطالب حكومته وممثليه باحترام الشعارات المرفوعة لأنها هي نفسها التي رفعها أبناء تونس ومصر والبحرين، واليمن وسوريا بينما تقاعست هذه الحكومات عن دعمهم بل على العكس دعمت قوى الثورة المضادة أو على الأقل سكتت عن جرائمهم.

لا يستطيع المواطن العربي المظلوم المنكوب بحكوماته أن يفهم شعارات متظاهري باريس ويقف معها عندما تقوم الحكومة الفرنسية بدعم القوى العاملة ضد نفس شعارات الحرية والديمقراطية في وطنه. لهذا علينا استغلال هذه المناسبة النادرة وهذا الزخم الشعبي الفرنسي بالتصاقنا به حتى نستطيع الضغط على حكومته ليتوافق شعار المليونيات الباريسية مع سياسات باريس الدوله. إن هذا ممكن ، خاصةً وأن المنتقدين لتواجد نتنياهو وغيره من المتسلقين على مشاعر الناس وعواطف وانفعال الشعب بدأ في فرنسا ويوجد حالياً أعدادا كبيره من الموقعين على لوائح للتنديد بهؤلاء الرؤساء في المظاهرة. فهم متهمون كنتنياهو مثلاً بالتعدي على حقوق الإنسان. فلنكن ولو لمرة واحدة منفتحين نعرف كيف نُعطي حتى نستطيع أن نأخذ.

 

22/1/2015