Month: جانفي 2017
الربيع العربي ودور الشباب في مواجهة جمود النخبة
نشر بالقدس العربي بتاريخ 26/01/2017
الربيع العربي
ودور الشباب في مواجهة جمود النخبة
نزار بدران
تتداخل الأحداث وتتراكم في وطننا العربي، وتُحاصر وتُدمر حلب ومدن أخرى، فالموصل وعدن وصنعاء وسرت وغيرها، ليست سوى نماذج لما قد يحدث غداً، في عواصم ومدن عربية عدة. في حين تتناقض المواقف، وخصوصاً عند المفكرين أو المثقفين العرب، والتي تصل إلى حد العمى الكامل، عن فهم طبيعة الأحداث، أو عن رفض فهم طبيعتها، وتصويرها بشكل خيالي، يتناسب مع مواقف وإيديولوجيات مسبقة، تُسقطها على الأحداث وليس العكس.
كلنا نعلم أن النظام البعثي في سورية، لم يُطلق رصاصة على إسرائيل منذ عشرات السنين، ولم يُوجه سلاحه إلا إلى صدور شعبه، أو الشعب اللبناني أو الفلسطيني، ومخيمات الفلسطينيين داخل سورية حالياً، أو سابقاً في لبنان كما حدث في تل الزعتر وغيره، دليل واضح على ذلك.
كلنا نعلم أنه قبل انفجار الثورات العربية، نهاية عام 2010 من تونس، لم يكن هناك أي مؤامرة كونية، ولا حتى ميكروسكوبية، للإطاحة بالنظام الأسدي، والذي كان في أحسن حالاته، مع قطر والسعودية ومع تركيا أردوغان، والتي كانت فتحت حدودها وألغت التأشيرات للمواطنين السوريين، لم يكن هناك أي تنافر مع إسرائيل أو أمريكا، والتي كان نظام الأسد ينفذ كل ما تريده هذه الأخيرة.
كلنا نعلم ذلك، ما عدا مفكرونا الأشاوس، والذين لم يروا في الثورة السورية، التي تلت ثورات شعوب المنطقة، من تونس ومصر وليبيا واليمن، لا يرون إلا مؤامرات كونية على هذا النظام المُمانع الصامد في وجه الأعداء.
من ناحية أخرى كلنا نعلم، ما كانت تُعلنه إسرائيل وتُكنه لإيران وحزب الله، منذ حرب 2001 ثم 2006، ورغم ذلك لم يتوقع أحد أن لا تستعمل إسرائيل حدث تحويل حزب الله وإيران جهودهما في مواجهتها إلى الداخل السوري، والتي ابتلعت رجالاً وأسلحة، وعرت ظهرهما أمام إسرائيل، لتقوم بعملية مباغتة والانتقام لهزيمتها.
كلنا نعلم ذلك، ما عدا مفكرونا ومثقفونا “اليساريون” والليبراليون وأحزابنا “اليسارية” والقومية، الذين استمروا باتهام ثورة الشعب السوري السلمية، ثم المسلحة بالعمالة لاسرائيل وأمريكا. لماذا هذا التناقض الظاهر، بين دعم هؤلاء للثورة المصرية والتونسية ومعاداتهم للثورة السورية، وعدم توقفهم عند حراك الشعب البحراني؟.
لماذا تقوم منظمات فلسطينية عريقة، بالوقوف إلى جانب النظام السوري، وهو الذي دمر مخيمات اللاجئين الفلسطينيين بسوريا بعد ما فعله بلبنان. لماذا يُعلن الرئيس الفلسطيني حديثاً، رفضه للربيع العربي وثوراته، وكأننا كنا نعيش بنعيم مع النظام السوري أو المصري.
لفهم والإجابة على جزء من هذه التساؤلات، علينا أن نُعيد وضع الأمة العربية، على خارطة تاريخ العالم، وقراءة أحداثها، من منظار متغيرات منذ أكثر من أربعة عقود، والتي اجتاحت أوروبا وأمريكا اللاتينية وأفريقيا.
تميز الجزء الاول الأكبر من القرن العشرين، بظهور حركات تحرر وطنية، لطرد المستعمر من كل بقاع العالم تقريباً، ولم يبق عملياً إلا فلسطين تحت الاحتلال، تحررت الجزائر من الاستعمار الفرنسي عام 1962، وخرجت إسبانيا من الصحراء الغربية، ولم يبق إلا بعض الجيوب بالمغرب.
هذه الفترة تميزت عندنا، بظهور الفكر الناصري القومي وحزب البعث والحركات الشيوعية واليسارية، والتي اتخذت الحركات الفلسطينية في السبعينات نماذج منها قدوة لها. الفكر الطاغي لهذه الفترة، كان معاداة الاستعمار والصهيونية، ولم يتسم أبداً بأي طابع اجتماعي داخلي، فكل انقلاب عسكري أو ظهور حركة سياسية، كان يُعلن أن هدفها تحرير فلسطين ودحر الإمبريالية، بينما هي في الحقيقة، لم تدحر إسرائيل، ولم تهزم أحداً، ولكنها أسست لأنظمة ديكتاتورية عتيدة، ازدادت صبغتها الإجرامية العنيفة، ثم صبغتها المافياوية، مع تزايد سنوات استيلائها على الحكم، خصوصاً في غياب أي صوت معارض جدي، أو تهديد خارجي لوجودها.
هذا أيضاً كان الحال في أوروبا الشرقية، التابعة للإتحاد السوفيتي، كذلك أمريكا اللاتينية، مع حكم الجنرالات بالأرجنتين وتشيلي والبرازيل وغيرها، ونفس الشيء بأفريقيا. كانت كل مناطق العالم متناغمة نسبياً، خصوصاً زمن الحرب الباردة، والتي قسمت العالم إلى مُعاد أو حليف للاتحاد السوفيتي، الاستبداد الداخلي والانفراد بالسلطة، كان إذن سمة العصر، وكانت بلادنا جزءً منها.
ولكن هذا العالم تغير تماماً بنهاية القرن العشرين مع بدء مرحلة جديدة، بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، وهدم جدار برلين عام 1989 وانتهاء الحرب الباردة. تبع ذلك تغيير واسع في معظم أقطار ومناطق العالم. انهارت منظومة حلف وارسو الشيوعية، وخرجت كل دول الاتحاد السوفيتي من قبضته الحديدية، لتدخل إلى عالم الديمقراطية والحداثة، ولو بعد فترة من القومية والشوفينية.
الانتقال الديمقراطي لم يحدث بسلاسة وهدوء، وبدون خسائر في كل نواحي العالم، فانهيار النظام الاستبدادي السوفيتي، لم يتبعه، كما كان يتصور غورباتشوف، نظام ديمقراطي، مع الحفاظ على وحدة الدول المكونة لهذا الاتحاد، بل الانهيار التام والمرور بفترة طويلة نسبياً، من عدم الاستقرار والحروب الأهلية الكارثية، كما حدث مع تحلل يوغسلافيا.
انهيار النظام الذي جمد تناقضات المجتمع، طوال سبعين عاماً، لم ينتج عنه نظام سلمي ديمقراطي وحدوي فوراً، بل أخذت كل مكونات تلك المجتمعات تبحث عن التعبير عن هوياتها الخاصة، قومية كانت أو دينية أو لغوية، مع كُلفة عالية من مئات آلاف الضحايا والدمار والخراب، ولكن الانتقال للنموذج الديمقراطي انتصر في النهاية، في معظم هذه الدول، وإن بقي مُتعثراً بدول مثل روسيا البيضاء وكازاخستان وروسيا الاتحادية، التي ما زالت تُعاني، من استيلاء بقايا النظام السابق وفلوله، على السلطة بأسماء جديدة.
في أمريكا اللاتينية سقط الجنرالات، كأوراق الخريف، واسترجعت شعوب دول مثل البرازيل وتشيلي والأرجنتين، حقها بالحرية والنظام الديمقراطي، بينما جزء آخر ما زال يُعاني، إما من ديمقراطية ناقصة، كما في بوليفيا أو فنزويلا، حيث يتشبث النظام بالسلطة، حتى لو استدعى ذلك تغيير قواعد اللعبة الديمقراطية، وأخرى قليلة مثل كوبا، والتي ما زالت قابعة تحت نظام ديكتاتوري شبه وراثي، ولكنه بدوره مضطر للسير نحو التعددية ولو بعد حين.
أما في إفريقيا، فقد انتقلت دول عديدة للنظام الديمقراطي (السينغال، ساحل العاج..الخ)، والنموذج الأكثر وضوحاً هو جنوب أفريقيا، وإنهاء نظام الفصل العنصري، فوراً بعد ثورات أوروبا الشرقية الديمقراطية.
أين نحن العرب من هذه التحولات العالمية التاريخية؟. الغالبية الساحقة من الدول العربية، والتي استطاعت دحر الاستعمار، سقطت تحت حكم أنظمة استبدادية، لم تستغل ثروات الأوطان، وإمكانيات شعوبها، لبناء دول حديثة، تلتحق بركب الحضارة، بل طورت أنظمة عصبيات عائلية او طبقية، مُعتمدة على تحالف أصحاب المصالح، واقتصاد مبني على الزبائنية.
تواكب ذلك مع تزايد سكاني واسع، ومع ظهور طبقة وسطى مُتعلمة شابة، ولو كانت صغيرة. هذه الطبقة الوسطى، لم تعد تقبل بالعلاقات الاجتماعية الموروثة، بالقبول الطوعي للبقاء ضحية للاستبداد الحاكم. التغييرات الاجتماعية في الثلاثين سنة الأخيرة، وظهور مفهوم العولمة، دفع باتجاه تبلور حراك شعبي شبابي، للمطالبة بالديمقراطية والحرية، وتُرجم ذلك باحتجاجات عديدة، منذ بداية القرن الواحد والعشرين، داخل دول عربية عدة، حتى وصلنا إلى انفجار الربيع من تونس بأواخر 2010، والذي انتشر كالنار بالهشيم بدول المنطقة كلها، وكان التعبير الأوضح لتراكمات التهميش والظلم المستمرين.
لم تستطع الحركات القومية واليسارية والمفكرين بغالبيتهم، فهم ظهور هذه المرحلة الجديدة، والتي عنوانها المطالبة بإصلاحات سياسية والمشاركة بالسلطة، للالتحاق بركب الحركة التحررية، التي بدأت في أواخر القرن الماضي بكافة بقاع الأرض، وبقوا يتقوقعون في فكر وفلسفة المرحلة السابقة، والتي كان عنوانها، التحرر من الاستعمار ومواجهة الإمبريالية.
في نفس الوقت، لم تستطع الطبقة الوسطى، بفكرها الحديث الجديد، وهي التي أرادت الالتحاق بموجة التحرر لهذه المرحلة العالمية، الانتظار أكثر كي يظهر قادة أو مفكرون، حتى تبدأ حراكها، وهو ما أعطى هذه الصورة الغريبة نسبياً، من ثورات تنطلق بدون قيادات أو مفكرين، وهو الذي أدى إلى تعثر الأحزاب السياسية للمعارضة العربية، وعدم استطاعتها اللحاق بقيادة الحراك الجديد.
لم ترفع الجماهير بتونس، أو بساحة التحرير بالقاهرة أو درعا أو صنعاء، او المنامة شعارات العداء لأمريكا، بل رفعت كلها شعارات الحرية والديمقراطية وإسقاط النظام، هذه المرحلة الجديدة لم يكن عنوانها الثورة على الحكومات والأنظمة التابعة لأمريكا، وإنما على الحكومات والأنظمة الديكتاتورية، وهو ما كان السمة المشتركة تقريباً لكل الأنظمة العربية، بكل اتجاهاتها الثورية الممانعة، أو التابعة للمعسكر الغربي.
إلا أن الحركات السياسية، وخصوصاً اليسارية والقومية، لم تستطع فهم ذلك، فقد وقفت مع الجماهير الثائرة، ضد الانظمة المصنفة قريبة من الغرب، ووقفت ضد نفس هذه الجماهير مع الأنظمة المُصنفة ممانعة ومقاومة. مع أن الجماهير كان تناقضها الأساسي مع الاستبداد والظلم، بينما النخب كان تناقضها الأساسي، مع الاستعمار والإمبريالية، المُعشعشة في أذهانهم.
الجماهير العربية التي بدأت الربيع العربي، خصوصاً من فئة الشباب المثقف، كانت متلاصقة مع طبيعة المرحلة الجديدة عبر العالم، بينما النخب كانت على انفصال كامل عن هذا الواقع. لذلك وجدت الثورات المضادة، آذاناً صاغية، لدى هذه النخب بالدول المُصنفة يسارياً كسوريا، وحصلت على دعمهم ووقفت مع الغزو الروسي وريث الاتحاد السوفيتي حليفهم السابق، بينما حاولت التحالف وتقاسم السلطة مع الثورات المضادة في الدول الاخرى كمصر, لانها بطبيعتها تهدف للوصول للسلطة بأي وسيلة، حتى ولو داست على القيم الديمقراطية.
أبناء الربيع العربي كانوا متناغمين مع الواقع الجديد، بينما النخب والأحزاب، لم تر هذا الواقع وما زالت أسيرة الماضي. أما مصلحة إسرائيل فهي بكل تأكيد، مع بقاء الديكتاتوريات العربية، يمينها أو “يسارها”، ممانعها أو مهادنها، لأن هذه الأنظمة هي التي حمت إسرائيل، وبررت الدعم الغربي الدائم لها على مدار عقود، وأبعدت إمكانية تحرير فلسطين، لأننا لا نستطيع فعل ذلك بجيش من العبيد والرعايا.
التناقض مع الأنظمة، والتي مزقت الأمة وشرذمتها، كما نرى بالسودان مثلاً (حيث لا يوجد ربيع عربي قوي حتى الآن) هو عنوان هذه المرحلة الجديدة، والتي بدون حل تناقضاتها، وبناء مجتمعات وأنظمة ديمقراطية، كما حصل بأمريكا اللاتينية وأوروبا الشرقية أو آسيا، لن نستطيع مواجهة إسرئيل أو الإمبريالية، ولا بناء وطن عربي، يضع المواطن بقلب اهتماماته، وتحقيق مطالبه كهدفه الوحيد.
أبناء وشباب الربيع العربي، في كل أماكن تواجدهم، هم الوحيدون المؤهلون، لوضع أسس الفكر العربي الحديث، ودفع الوطن العربي للولوج إلى عالم الحداثة من جديد، بعد فشل محمد علي باشا، بفعل ذلك خلال القرن التاسع عشر بمصر، وكذلك انتهاء حركة التنوير، والتي بدأت مع جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده في بداية القرن العشرين. على أن توحدهم بمختلف دولهم، ووضع أسس موحدة لنضال مشترك، هو ما سيكفل لهم النجاح في هذه المهمة الصعبة، وخصوصاً عندما نرى تكالب الأعداء من كل حدب وصوب، لوأد أي تعبير ديمقراطي، مهما كان وأينما كان.
توحد قوى الماضي المستبدة، كما نراه حالياً، يجب أن يكون دافعا لتوحد قوى المستقبل، ووضع أهداف واضحة للتجديد السياسي والعمل المتكامل على امتداد الساحة العربية، كما فعل الآخرون بنجاح في مناطق أخرى من العالم مثل أمريكا اللاتينية أو أوروبا الشرقية.
وضع الإنسان المواطن، كهدف لكل ما نعمل أو نبني، رفع قيم الإنسانية والحضارة في كل مواثيقنا، مهما كانت هذه القيم مُغيبة ومُنتهكة في بلادنا، هو ما يجب أن يُؤسس لبرامجنا السياسية في هذه المرحلة المعقدة مع آلامها الهائلة، ولكن أيضاً مع آمالها العظام.
إن مركزية القضية الفلسطينية تُحتم علينا أن نُحلل الموقف الفلسطيني من الأحداث العربية، وترابطهما الوثيق، فالشعب الفلسطيني مُهجر في كثير من دول الجوار، خصوصاً في سوريا ولبنان، وهو واقع ضحية عنف جديد، يُضاف لعنف فقدان الوطن والعيش في الشتات.
الخصوصية الفلسطينية، والتي هي بقاء فلسطين تحت الاحتلال، قد تبرر المواقف الداعمة للنظام السوري، من عدد من المثقفين وجزء من عامة الناس، لأن الشعب الفلسطيني لم يُنه بعد، مرحلة التحرر الوطني. هل حقاً مواقف كهذه تُفيد القضية الفلسطينية، القضية المحورية للأمة العربية؟، وهل استطاع الفلسطينيون بالتصاقهم الدائم بمرحلة التحرر الوطني، الوصول إلى أي شكل حقيقي من الاستقلال الوطني؟، الحقيقة أن قطار التحرر الوطني في العالم قد فاتنا، وخصوصاً بعد تقزيم المطالب الوطنية من تحرير فلسطين وإقامة دولة العدالة الاجتماعية، المُسماة الدولة الفلسطينية الديمقراطية العلمانية، كما أُعلن في سنوات الستينات، إلى دويلة لا تتجاوز مساحتها، خمس فلسطين التاريخية، والاعتراف بسلب البقية الباقية، ونسيان حقوق اللاجئين.
لقد عمدت اتفاقيات أوسلو، إلى إنهاء حتى مفهوم هذه الدولة الصغيرة، والتي أُشبعت تقسيماً وتقطيعاً. ولم يحصد الفلسطينيون إلا اليأس ومجتمعا مجزءا بين تيارات وانتماءات ليس لها حقيقة علاقة بالمشروع الوطني الكبير، الذي وُضع في منتصف سنوات الستينات واستُشهد من أجله الآلاف.
عكس ذلك، أي الالتحاق بموجة التحرر، التي تلت سقوط الاتحاد السوفيتي، وانتهاء الحرب الباردة، وعمت مناطق شاسعة من العالم، قد تُقرب لنا مشروع التحرر الأصلي، أي بناء صرح دولة على كامل فلسطين وعودة اللاجئين. لهذا ليس من الضروري، أن يتناقض البعد الوطني والتحرر من المُستعمر، مع البُعد الاجتماعي والمطالبة بالحرية. ليس لذلك التناقض مبرر تاريخي حالياً، بعد نهاية الحرب الباردة، وسقوط مرجعية الفكر الاستبدادي، الذي كان يمثله الاتحاد السوفيتي، والدول الشيوعية الدائرة في فلكه، بل على العكس لن يكون لنا مشروع تحرري فاعل، إن تغاضينا، كما نفعل الآن، عن البعد الحقوقي والاجتماعي للشعب الفلسطيني.
لم يعد ممكناً أن نستمر، بتفسير اضطهاد الفلسطينيين في لبنان مثلاً، وسلبهم حقوقهم الإنسانية الأساسية، بالعمل والتملك، تحت حجة حماية القضية الفلسطينية، وكأن سلب حقوق الناس الاجتماعية، تضمن لهم حقوقهم الوطنية.
الشعب الفلسطيني، وخصوصاً المفكرين وقادة الرأي، عليهم النظر بتمعن إزاء هذه الازدواجية: الحرية والتحرر، فهما بالنسبة للشعب الفلسطيني، رديفان لنفس الهدف. أما الابتعاد عن مفهوم دعم الأنظمة العربية الديكتاتورية، كما نرى للأسف بسورية، تحت حُجة تحرير فلسطين (وهو ما يعني فقط إقامة دولة على جزء صغير من فلسطين ومع سيادة ناقصة) لا يُقربنا، من مفهوم الجمع بين الحرية والتحرر.
لم يقبل نيلسون مانديلا بجنوب أفريقيا، بفصل هذين البعدين، وأصر على إقامة دولة واحدة، يحكمها القانون، وهو ما وصل إليه، بدل الجري وراء سراب تقسيم جنوب أفريقيا، بين السود الأغلبية والبيض الأقلية. علينا بفلسطين إذاً، وخصوصاً الذين يدعون المعرفة وقيادة الرأي العام، أو السياسيين من قادة الحركة السياسية، أن نبدأ بالسير نحو هذا النموذج، والالتحاق بمبادىء الربيع العربي. فشباب هذا الربيع، يمثلون حقاً مستقبل الأمة وحقها بالنهوض، بعد أكثر من مئة عام على التغييب.
إن مساندة الشعب السوري، في نضاله للحصول على حريته، هو وسيلتنا كذلك في فلسطين، للحصول على حريتنا وتحررنا في نفس الوقت. فماذا أفاد الشعب الفلسطيني السكوت عن النظام السوري عام 1982، عندما دمر مدينة حماة، وقتل أكثر من 30 ألف مواطن، وفي وقت حاصر طرابلس، وطرد الثورة الفلسطينية، كما أرادت إسرائيل وأمريكا خارجاً.
إن الالتحاق بموكب الربيع العربي، لن يكون عن طريق أطراف السلطة بكل أشكالها (بالضفة أو غزة أو بالخارج) ولا عن طريق المنظمات الفلسطينية المعارضة، لأنهم لم يستطيعوا الخروج من المعادلة الأولى للقرن الماضي، ولم يدخلوا إلى المعادلة الثانية، التي عمت العالم، أو لم يروها. هذا الالتحاق لن يتم إلا عن طريق شباب الشعب الفلسطيني، والذي عليه مهمة اللحاق بشباب الأمة، ورفع شعارات تتلاءم مع طبيعة المرحلة الجديدة. هذا الشباب عليه ان يفرز الفكر الفلسطيني التحرري ويضع أسس حراك وطني فلسطيني يكون مرتبطا بالمرحلة التاريخية الجديدة التي يعيشها العالم العربي وفلسطين.
لم تعد البرامج السياسية التي وضعتها الحركة الوطنية الفلسطينية بكل اطيافها خلال سنوات الستينات وحتى الثمانينات، قادرة على تجميع الجهد الفلسطيني او العربي, بل فشلت بذلك فشلا ذريعا. أما الشباب الفلسطيني وعبر ارتباطه بالحراك العربي والذي هو بدوره جزء من صورة العالم الجديدة في جانبها المضيئ, تحتم العمل من أجل مجتمعات تحكمها مصالح الشعوب ولا تهمش احدا.
الربيع العربي في بداياته عام 2011 كان نموذجا لحراك عالمي شبابي انتشر بشكل واسع، خصوصا بالدول الاوروبية من ايطاليا لاسبانيا وحتى امريكا وغيرها, تحت تسمية الحركات البديلة مبني على مفهوم الديمقراطية وحقوق الانسان. يستطيع الشباب الفلسطيني بدوره ان يكون نموذجا لهذا الفكر, وان لم يقم بهذا الدور فلن يقوم به احد.
إن الذين يدعمون النظام السوري وحماته الروس، ويعلنون رفضهم لمبادىء الربيع العربي، يسيرون عكس اتجاه التاريخ، ومكتوب عليهم الفشل، بعد أن خذلوا الشعب الذي احتضن الفلسطينيين، وكأنهم جزء منه، ولا ننسى أن الشهيد عز الدين القسام، قائد أول ثورة فلسطينية، كان سورياً من قرية جبلة قرب حلب، واستشهد على أرض فلسطين بقرية يعبد، وكان وما زال شيخ المجاهدين بفلسطين.
Rencontre sur radio orient/décision du conseil de sécurité sur les colonies israeliennes .
le 03/01/2017
décision du conseil de sécurité sur les colonies israéliennes
قرار 2334 هدية أوباما لخلفه ترامب
نشر بالقدس العربي بتاريخ 04/01/2017
قرار 2334 هدية أوباما لخلفه ترامب
نزار بدران
نفاجأ في بعض الأحيان، بقرارات لمجلس الأمن، لم تكن متوقعة، وذلك لكثرة ما نرى من تناقضات تتخلل السياسة الأمريكية خاصة، والغربية عامة؛ بين المواقف المبدئية لقيم القانون الدولي وحقوق الإنسان، وبين القرارات الأممية، الموثقة والمُتفق عليها، وما النموذج السوري منذ خمس سنوات، إلا دليل على ذلك، فقتل مئات الآلاف، وتدمير مدن بأكملها، وتهجير شعب من وطنه، لم تكن كافية حتى تتخذ الأمم المتحدة، قرارات لصالح هذا الشعب.
هل حقاً أن هذا القرار لمجلس الأمن الأخير، بشأن المستوطنات، أتى فقط بسبب انتهاء ولاية أوباما، ورغبته بالانتقام من نتنياهو، لإفشاله مشروعاته، أو تقييد قرارات مستقبلية لخصمه المنتصر في الانتخابات، دونالد ترامب؟.
المراقب منذ بضعة أشهر لتطور الأحداث في أمريكا ودول الغرب، يرى تراجعاً واضحاً للأحزاب السياسية التقليدية، لصالح أحزاب وحركات أو حتى أشخاص، لا يُمثلون اتجاهات سياسية تقليدية، هذا صحيح بكل الاتجاهات، كالخروج من الاتحاد الأوروبي لبريطانيا، أو تطور الحركات البديلة في إسبانيا وإيطاليا، ووصول ترامب للسلطة.
في هذا الإطار رأينا أن اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة، لم يستطع لأول مرة، فرض مرشحه الرئاسي، أي هيلاري كلينتون، لصالح مُرشح بعتبرً خارج الأُطر الحزبية الرسمية. فالسيد ترامب، ليس صديقاً للعرب والمسلمين، ولا عدواً لإسرائيل، ولكن وصوله للبيت الأبيض دليل عدم رغبة الشعب الأمريكي أن تصل السيدة هيلاري كلينتون إلى السلطة، لما تمثله من مصالح اقتصادية أو سياسية ولوبيات، وهي التي أثبتت ولاءها للوبي الصهيوني منذ سنين طويلة.
هذا التحليل للوضع الأميركي، سمح برأيي، بوجود نافذة ممكنة لطرح قرار مجلس الأمن الأخير، والذي صُنف على أنه القرار الأول الدولي ضد الاستيطان بشكل واضح وعلى كافة الأراضي المحتلة لعام 1967، رغم ضغط اللوبي الصهيوني في الاتجاه المعاكس. ولم تحدث عاصفة تنديد ضده بالصحافة الامريكية أو الأوروبية، كما جرت العادة لمواقف أقل أهمية.
هو إذن من وجهة نظري، التراجع الثاني للوبي الصهيوني بأمريكا، بعد فشل كلينتون بالوصول إلى السلطة، وسيكون مقدمة لتراجعات قادمة، قد تكون قريبة.
الربع ساعة الأخيرة للرئيس أوباما، ليست هي إذن السبب الوحيد لتغير الموقف الأمريكي، ولا رغبته بتعقيد مهمة خلفه للرئاسة. أظن على العكس، أن هذا الموقف الذي سمح بتمرير قرار إدانة الاستيطان، هو هدية للرئيس الجديد، حتى ولو لم يقبله السيد ترامب.
التراجع المُستمر للأحزاب التقليدية، وما ارتبط بها من لوبيات عالمية، بالإضافة لتوافق دول العالم أجمع مُمِثلة بمجلس الأمن، من خلال هذا القرار التاريخي، سيُعطي بالعكس، الرئيس الامريكي أو من يتبعه في المستقبل، حيث أن الرئيس الجديد سيبقى لمدة أربع سنوات، وليس “العمر كله” كما في بلادنا، سيعطيه إمكانية التراجع يوماً، عن دعم إسرائيل الدائم والثابت في السياسة الأمريكية، على شرط أن تجد أمريكا، في السنوات القادمة، دولاً أو أوضاعاً عربية، ذات سياسات تعمل لصالح الأمة ولصالح فلسطين.
التراجع المصري عن تبني تقديم القرار الدولي، باعتبار عضوية مصر مؤقتة في مجلس الأمن، أظهر مدى اختفاء أي أثر عربي في اتخاذ هذه الخطوة، بل على العكس كما أظهر هذا الموقف، كانت هناك محاولات لعرقلته، بطلب من إسرائيل، والتي أدركت تغير الموقف الأمريكي.
في انتظار ظهور مواقف عربية وفلسطينية جديدة، في المستقبل القريب أو البعيد، على المجتمع المدني العربي، والفلسطيني بشكل خاص، عبر منظماته وحراكه، اتخاذ الإجراءات اللازمة لاستعمال هذا القرار الدولي، ببُعده القانوني خصوصاً، وفي إطار إجماع أعضاء المجلس، للانتقال إلى الساحة القضائية الدولية، لمحاسبة إسرائيل على أفعالها وجرائمها بحق الشعب الفلسطيني، وخصوصاً طرده من وطنه، وإقامة المستوطنات والجدار الفاصل ومحاصرة قطاع غزة.
القرار 2334، يُعطينا أيضاً وسائل شرعية لمتابعة تطوير حملة المُقاطعة العالمية لإسرائيل، والتي أصابت هذا الكيان بضربات موجعة، رغم الحملة المُكثفة ضدها، وتجريمها من قبل دول أوروبية مثل فرنسا وبريطانيا.
بدون هذا التطور بالأوضاع العربية الرسمية والمجتمع المدني، سيبقى هذا القرار، حتى ولو كان تاريخياً، في أدراج خزائن الأمم المتحدة، وسيُغطيه الغبار، كما سبقه من قرارات ملزمة وغير ملزمة. فليس بالقرارات وحدها تحيى القضايا العادلة.
معايير الحضارة وحلم فيكتور هيجو
نشر بالعربي الجديد بتاريخ 21 كانون الثاني 2017
معايير الحضارة وحلم فيكتور هيجو
نزار بدران
قد يظن البعض أن الحضارات تتطور فقط بفعل الإنسان كفاعل مباشر وحيد، وذلك عن طريق التقدم العلمي أو الاجتماعي وغيره من الأنشطة الإنسانية النبيلة، ولكن الحقيقة أن هذه الأنشطة، هي نتاج للفعل الحضاري وليست سببا له. أسباب الحضارة أو شروطها، قد حُددت من قِبل المؤرخين، وخصوصاً من اهتم منهم بالتاريخ الشامل، أو ما يُسمى التاريخ طويل الأمد، والذي وضعت اُسسه في النصف الأول من القرن العشرين.
هذه الشروط لم توضع اعتباطياً، وإنما بعد دراسات تاريخية موثقة، عن كيفية إنشاء وإنتهاء الحضارات. وقد نذكر أن أول من اهتم بهذا الأمر، كان ابن خلدون، خلال القرن الرابع عشر الميلادي، عندما حدد أسباب نشوء وانهيار الأمم والإمبراطوريات.
مثل هذه الأبحاث والتحليلات التاريخية، ليست وُجهات نظر المؤرخين، وإنما هي حقائق علمية، ُثبت بالدراسة تكرارها، مما أكد حقيقتها. يذكر مؤسس التاريخ الشامل فيرنان بروديل، وهو الدارس للحضارات المتوسطية ومرجعيتها بالعالم، أن نشوء أي حضارة استوجب ثلاثة شروط، وهذا ينطبق على الإمبراطورية الرومانية والإسلامية وغيرها في الشرق الأقصى وباقي العالم.
أولى هذه الشروط، هو وجود أرض شاسعة واسعة متكاملة ومتناسقة، الشرط الثاني، هو وجود أناس بعدد كاف يسكنون هذه الأرض ويعملون بها، تجمعهم قواسم مشتركة، وثالثها مرور فترة زمنية كافية من السلم، حتى تستطيع شعوب هذه الأرض أن تبني حضارة مشتركة. هذه حقيقة أشياء بسيطة ومنطقية، ولا نحتاج لجهد كبير حتى نُقنع بعضنا بصوابها.
الآن لو أردنا تطبيق هذه الشروط على أوضاعنا العربية، لوجدنا أننا قد قمنا بأيدينا بإنهاء كافة هذه الشروط وتدميرها، وكأننا لا نريد أن ننتمي لأي حضارة، ولا نريد أن ينشأ عندنا أي مستقبل لأبنائنا. نحن في الوطن العربي لنا أرض شاسعة، متناسقة ومتكاملة وتحوي ثروات متنوعة، من المعادن والزراعة والماء والشمس والهواء وغيرها، ولكن هذه الأرض قُسمت إلى 22 قطعة، مُحاطة بحدود لا يستطيع حتى الذباب تجاوزها، بدون إذن وفيزا، وكأن هناك من يريد أن يمنعنا من الخروج من الأقفاص التي وُضعنا فيها.
عندنا أيضاً الشرط الثاني، أي الشعب الكبير العدد، والمتناغم اللغة والعادات، وأغلب الأحيان المُعتقدات، 400 مليون مواطن، ولكنهم قُسموا إلى شعوب وقبائل مُتنافرة، لا تستطيع الاتصال بفعل الحدود، بل تتقاتل فيما بينها، داخل أقفاصها الضيقة، لتأكل الفُتات. ولتثبيت هذه الحدود، وهذه الصراعات الداخلية، أوجدنا لأنفسنا حكومات وسلطات لا يهمها إلا نفسها، وتتصرف كأن الوطن الصغير لكل شعب، هو ملكها الخاص، تُغلق عليه كل النوافذ والأبواب.
الشرط الثالث للحضارة، وهو الفترة الطويلة للسلم، لست بحاجة للكتابة عنها، فنحن لم ننعم من أكثر من قرن بيوم واحد من السلام، فإما حروب بين هذه الدول المشكلة للأمة، وإما قمع عنيف لحراك جماهيرها، أو قتال مع الجيران، كما رأينا في الحرب بين العراق وإيران.
تتوفر إذن للأمة كل شروط الحضارة، ولكنها دمرتها بأيديها، وقد نقول أيضاً بسبب الاستعمار وتدخل إسرائيل والقوى الأخرى، ولكن هذا التدخل ما كان ليحصل، لو حققنا شروط الحضارة فيما بيننا، بدل التقاتل والتجزئة.
لو أخذنا مثال أوروبا، فسنرى أن الاتحاد الأوروبي، حقق الشروط اللازمة لبناء حضارة عريقة، فهناك الأرض الشاسعة، حتى ولو كانت أقل ملاءمة وتكامُلاً من الأرض العربية، وهناك 500 مليون مواطن، حتى لو كانوا أقل تناغماً وتشابهاً من الشعوب العربية، فهؤلاء يتكلمون لغات عديدة، وينتمون لحضارات مختلفة، ولكنهم أمنوا لأنفسهم الشرط الثالث: أكثر من سبعين عاماً من السلام الداخلي الدائم، بعد أن قسمتهم ودمرتهم الحروب العالمية الأولى والثانية وما سبقها، 1000 عام قبل تلك الفترة، لم تعرف أوروبا يوماً واحداً من دون حرب.
الولايات المتحدة الأمريكية، أمنت نفس الشروط الثلاثة، من شعب كبير 320 مليون، على أرض شاسعة وشعوبا مختلفة عرقياً ولغوياً، ولكنها تعيش بسلام داخلي منذ عشرات السنين. قد نرى الشيء نفسه إزاء الهند أو الصين الحديثة أو إزاء البرازيل.
لن نستطيع حقاً بناء أي حضارة، كل على حده، وداخل أقفاصنا الصغير، حتى لو امتلكنا البترول والذهب والفضة. لن نستطيع بناء شيء ذا معنى، إلا إذا جمعنا أرضنا بأرض واحدة، وشعوبنا بأمة واحدة، وإنهينا حروبنا الداخلية العقيمة، وأسسنا للسلم الداخلي، الدائم والطويل، المبني على العدل والمساواة بين الناس، مهما كانت طوائفهم ولغاتهم وأعراقهم.
الأوطان المُتحضرة الحضارية، تُبنى بسواعد أبنائها، خصوصاً الذين يُوفرون لها شروط نجاحها، كما فعل غيرنا رغم حروبهم السابقة، فنحن لنا الأرض الواسعة، التي باركها الله، ولنا أمة واحدة كبيرة، حتى لو اختلفت أديانها وأعراقها ولغاتها، وننتمي لحضارة واحدة، كانت في السابق قد حققت هذه الشروط الثلاثة، فمتى ستنتهي حروبنا الداخلية وصراعاتنا، التي لا تخدم إلا أعداءنا؟.
ولنذكر بالحلم الأوروبي لفيكتور هيجو، مؤلف “البؤساء” في خطابه أمام مجلس السلم العالمي بباريس، عام 1848، أي قبل أكثر من قرن قبل بناء الاتحاد، والذي تلته وسبقته حروب ضروس بين هذه الدول. قال الشاعر والكاتب العالمي، وأمام سُخرية البعض من الحضور: “إنكم تقولون اليوم وأقول معكم، كلنا هنا نقول لفرنسا وإنجلترا ولبروسيا وللنمسا ولإسبانيا وإيطاليا وروسيا، نقول لهم: سيأتي يوم تسقط فيه الأسلحة من أيديكم، يوم ستبدو فيه الحرب سُخف، وستكون مستحيلة بين فرنسا وبريطانيا، وبين سان بترسبورغ وبرلين، وبين فيينا وتورينو.
سيأتي يوم، لا تكون هناك ساحات قتال، وإنما أسواق مفتوحة، للتجارة وعقول تتفتح للأفكار، سيأتي يوم تُستبدل فيه القنابل والرصاص، بالانتخابات وبالإقتراع، بالتحكيم المُحترم لهيئة مُستشارين عُظمى، تكون بالنسبة لأوروبا، مثلما هو البرلمان بالنسبة لإنجلترا والمجلس التشريعي لفرنسا.
من هنا فإن هدف السياسة العظيمة، السياسة الحقة، هو الاعتراف بكل الجنسيات، وإعادة إحياء الوحدة التاريخية بين الأمم، وجمعها كلها في حضارة واحدة، هي حضارة السلام، جماعة حضارية واحدة، تُضرب مثلاً للأمم التي لا تزال بربرية متوحشة، ليكون للعدل الكلمة العليا والأخيرة، التي كانت في الماضي للقوة”.
تحقق حُلم فيكتور هيجو، بعد قرن من خطابه، وبعد ملايين القتلى الذين سقطوا في الحروب العالمية بالقرن العشرين. هل نستطيع بأمتنا العربية، أن نوفر علينا هؤلاء القتلى، وهذه السنين الضائعة؟.