السودان، موسم الهجرة إلى اسرائيل

القدس العربي 27/10/2020

السودان: موسم الهجرة إلى إسرائيل

السودان: موسم الهجرة إلى إسرائيل

 د. نزار بدران 

في قصته الشهيرة «موسم الهجرة إلى الشمال» يُظهر الكاتب السوداني الكبير، الطيب صالح، شدة التعقيد خلف بساطة المظهر، فالحقيقة ليست دائماً، ما يبدو ظاهراً للعيان.
هذا تقريباً ما نراه حالياً، مع توجه السودان، إلى تطبيع علاقاته مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، فخلف وجود سلطة توافقية ناتجة عن الثورة، نجد تناقضات عميقة، بين مكونات هذه السلطة.

رموز الثورة المضادة

فالنموذج السوداني فريد من نوعه، من حيث تواجد الثورة والثورة المضادة، بنفس الوقت بقمة السلطة.
قوة الثورة المضادة، المُمثلة بالعسكر، وخصوصاً رجلها القوي «حمديتي» هي باستمرار سيطرتها على وسائل القوة، أي الجيش والشرطة بينما قوة الثورة، هي فقط بوعي الشعب واستعداده للتضحية لإنجاح ثورته.
من كان يتصور أن رموز الثورة المضادة، المتواجدين بالسلطة، سيتركونها بعد الفترة الانتقالية، ويذهبون للاستجمام، هو خاطئ، بمن فيهم قيادات الثورة.
هؤلاء كما حدث في مصر، مع عبد الفتاح السيسي، وزير دفاع الرئيس الشرعي الوحيد، محمد مرسي، أو قبله بينوشيه، وزير دفاع الرئيس أليندي في تشيلي، لا ينتظرون سوى اللحظة المناسبة، للانقضاض على السلطة وإنهاء الثورة.
ما رأينا في السودان، من رفض الولايات المتحدة، رفع اسم السودان عن لائحة الإرهاب، مع أن هذا الشعب، قام بثورة ديمقراطية، علمانية بالمعايير الحديثة، والاستمرار في حصار السودان، دون أدنى سبب، ما هو إلا إنعاش للثورة المضادة، لتتمكن من العودة.
أمريكا في أواخر أيام البشير، كانت على استعداد، لرفع اسمه عن قائمة الإرهاب، وكان البشير على ما يبدو، على استعداد للتطبيع مع إسرائيل.

اللوبي الصهيوني الأمريكي

ما يظهر على كونه، ابتزازا للثورة لصالح إسرائيل، هو بالحقيقة، محاولة إنهائها.
السودان اليوم، لم تقبل الثورة الاعتراف بإسرائيل، وإنما انتصرت الثورة المضادة، في أول معركة لها مع قوى الثورة، بدعم من معسكر كل الثورات العربية المضادة، من دول الخليج إلى مصر وغيره، ومع دعم الدولة الأكبر في العالم، ورئيسها الذي يلهث وراء اللوبي الصهيوني الأمريكي، للنجاح بالانتخابات المقبلة، بعد أيام قليلة.
الثورات المضادة العربية، تهرول نحو إسرائيل، طلباً للحماية من الثورات العربية الحالية والمقبلة، وإسرائيل تعرف ذلك وتطلب أغلى الأثمان، والنموذج المصري واضح، من تحالف إسرائيل ومصر، ضد أهل غزة وحقوق الشعب الفلسطيني.
في مواجهة تحالف قوى الثورة المضادة العربية وداعميها، لا يوجد للأسف، أي تحالف لقوى الثورة العربية، لا رسمياً ولا شعبياً، فعند اندلاع الثورة السودانية، كان الكثيرون، من الإسلاميين وغيرهم، يدعون أنها ثورة شيوعية كافرة إلى ما آخره، نادمين على جمال زمن البشير، والذي دمر البلاد باسم الشريعة والدين الإسلامي.
هذه الثورات العربية، إن لم تتضامن فيما بينها، شعبياً ورسمياً، ستؤكل كل واحدة على حدة، والنموذج المصري سيصبح النموذج الرسمي لمستقبلها.
من يظن مثلاً في تونس، أنه بمنأى عن عودة الثورة المضادة، فهو خاطئ، من حاصر السودان، بحجة واهية، يستطيع أن يفعل الشيء نفسه، في تونس أو الجزائر أو أي دولة أخرى.
تضامن قوى الثورات العربية، مع الثورة السودانية، هو أقل ما يمكن تقديمه لها بهذه الأيام العصيبة، بدل انتظار أن تؤكل كما أكل الثور الأبيض.

توحد الثورات

علينا أن نتعلم من الثورات المضادة، وهي تتضامن دائماً، وتوحد جهودها، ومنذ اليوم الأول، لسحق أي حراك شعبي في أي منطقة (ليبيا، البحرين، اليمن، سوريا، العراق…الخ)
توحد الثورات العربية، خلف شعارات واحدة، يجمع القوى، هو أكثر من ضروري، اتهام الثورة السودانية، بالتطبيع مع إسرائيل هو تجن عليها، الشعب السوداني، لن يقبل ذلك، وهو يدرك أكثر من غيره، أن أباطرة الفساد، ومجرمي حرب دارفور وساحات الاعتصام، يبحثون عمن يحميهم من هذا الشعب ومن المحاسبة المقبلة، لأفعالهم الشنيعة.
في نهاية قصة موسم الهجرة إلى الشمال، نعرف الحقيقة، وخفايا الأشياء، وحب الحياة، كما يعرفها أبناء الشعب السوداني العظيم.

مقابلة بفرانس 24

https://www.france24.com/ar/%D8%A8%D8%B1%D8%A7%D9%85%D8%AC/%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%82%D8%A7%D8%B4/20201026-%D9%81%D8%B1%D9%86%D8%B3%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%82%D9%84%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D9%85%D9%88%D8%A7%D8%AC%D9%87%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D8%AF%D9%8A%D9%83%D8%A7%D9%84%D9%8A%D8%A9

الجريمة ألتي قصمت ظهر البعير، القدس العربي 24 أكتوبر 2020. نزار بدران

الجريمة ألتي قصمت ظهر البعير

د. نزار بدران

مع مقتل المعلم الفرنسي صاموئيل باتي على يد إرهابي شيشاني وبطريقة بشعة تذكرنا بداعش ومن شابهها،. نجد من جديد من يبرر او يتفهم او يقسم المسؤولية بين الجاني والضحية. يذكرني ذلك بجرائم التحرش الجنسي  والذي تتحمل دائما الضحية مسؤولية ما حدث لها، لعدم احتشامها او إثارة شهوات القاتل.

عندما حرقت داعش الطيار الأردني الشهيد معاذ الكساسبة عام 2015 لم يحمل أحدا المسؤولية للطيار بل داعش لخروجها عن كل قوانين الأسر والانسانية.  عندما يقتل المستوطنون الاسرائيليون  بالقدس حرقا الطفل الشهيد محمد أبو خضير عام 2014 لن نقبل ان تجد الصحافة والقضاء الاسرائيلي اعذار مخففة للحكم.

جريمة القتل لا يجب ان تجد من يبحث عن مساواة الجاني بضحيته وإلا فنحن لسنا بحاجة لاي قانون ينظم المجتمع، بل قانون الغاب يكفي. هذا ما نراه ببلادنا بجرائم الشرف والتي تعفي وتطلق سراح القاتل، بعكس قوانين الدول الغربية والتي تحكم على جريمة الشرف بشكل أقوى بسبب وجود سلطة للقاتل على ضحيته.

ما أقول لا يعني أن لا نفهم أسباب وظروف الجريمة لنتمكن من أخذ الاجرائات اللازمة لمنع تكرارها، التمييز بين السبب والنتيجة مهم جدا لأن ما توجب عمله مرتبط بالاسباب، فالتحرش الجنسي سببه الكبت الجنسي وليس ما تلبسه الضحية، هذا يعني ان الاجراءات المتخذة يجب ان تكون موجه نحو حل أزمة الكبت والتعامل بين الجنسين, وهو ما يدفعنا إلى مساعدة الشباب كتخفيض نفقات الزواج ماديا، او مساعدة العائلة المكونة الجديدة، وليس اجرائات لفرض النقاب على النساء، او تخفيف الأحكام على الجناة وقبول جرائمهم.

بالعودة لمقتل الاستاذ الفرنسي ذبحا، فاتهامه بأنه السبب بذلك هو تجني عليه ، ما قام به هو جزء من أساليب التعليم الغربية والتي تفضل النقاش في الأشكاليات المطروحة داخل المدارس لإثارة النقاش بدل خلق الكره المتبادل ورفض الآخر، وليس الاستسلام والتراجع ، حرية التعبير هي أحد أسس المجتمع الغربي، وهي بفرنسا محدودة نسبيا عن طريق ربطها باحترام قيم العلمانية واسس الثورة الفرنسية، على خلاف أمريكا أو بريطانيا حيث لا توجد حدود تقريباً.

الإعلام الساخر هو تقليد ثوري قديم حين كانت الصحافة منذ قرون، ما بعد الثورة الفرنسية تتهكم دائما على رجال الدين المسيحيين وعلى الكنيسة وعلى الساسة، وهو ما أسس لثقافة النقد الساخر ذا الانتشار الواسع وبقبول كل الأطراف.

 الوجود الإسلامي بالمجتمع الغربي حديث النشأة نسبيا، بدأ مع النصف الثاني من القرن الماضي ، وأخذ منذ التسعينات بعدا جديدا قريباً لما حدث بدول المشرق والمغرب العربي من حيث الارتداد نحو التعصب الديني وظهور الاسلام السياسي،  المجتمع المسلم بفرنسا تأثر إذا بالتغيرات السياسية والاجتماعية بالدول  المصدرة للهجرة.

من ناحية أخرى ما نراه حالياً بالغرب ومنذ ظهور الحركات الاسلاميه المتطرفة مثل القاعدة أو داعش هو بالحقيقة امتداد لهذه الحركات وليس التطور الطبيعي للمكون المسلم، ولا رد فعل على ما يسمى تهميش جزء من المجتمع ذا الاصول المسلمة. دليل ذلك أن هذا التهميش كان أكثر وضوحا بالستينات والسبعينات حين كان هولاء العمال المهاجرون يسكنون مدن الصفيح. من ناحية أخرى فإن الأفراد المتورطين بالهجمات الإرهابية ينتمون بشكل عام لطبقة وسطى تعيش بظروف مادية حسنة ولا ينتمون حقيقة لطبقة الفقراء. ولكن يمكننا ملاحظة ان الذهاب إلى صيغة متشددة للاسلام بفرنسا والغرب بشكل عام هو إمتداد لما يحدث بدول المهاجرين الأصلية دافعا باتجاه الانعزالية والخصوصية والتي لا تتوافق مع ما يعتبره الناس هنا أسس مجتمعاتهم .مثال ذلك محاولة الفصل بين الذكور والاناث بالمدارس خصوصا بدروس الرياضة، رفض مشاركة البنات او حتى الأولاد بدروس تخص البيولوجية او التوعية الجنسية، التميز بالمظهر لاظهار الانتماء الديني، كل هذه الأشياء تطرح على الدولة إشكالية التعليم العلماني ومساواة الرجل بالمرأة وتوحيد المناهج التعليميه.

للأسف فإن تضخم التيار المحافظ الإسلامي أعطى للمتشددين والمتزمتين فرصة الوجود والتأثير بالشباب عن طريق ايجاد حاضنة إجتماعية تتقبل طروحاتهم وعائلات تربي ابنائها على رفض النموذج الذين يعيشون بداخله، مما يخلق نوع من إنفصام الذات وبلبلة فكرية تسيئ الى التطور الحر واكتساب وسائل الفكر المستقل.

  هذه الأعمال الإرهابية حتى ولو كانت فردية ستنعكس على المجتمع المسلم الغربي والمسلم الفرنسي بشكل خاص مهمشة المسلمين أكثر وأكثر، فهو الآن متهم بكونه أعطى الغطاء الذي منح المجرمين شرعية جرائمهم، هذا ما نسمعه الأن بوسائل الإعلام الغربية وما عبر عنه مئات آلاف المتظاهرين بعد الجريمة.

الخطاب الذي القاه الرئيس ماكرون قبل أسابيع قليلة حول الانفصالية التي يتهم بها المسلمين أخذت مع هذآ الحدث بعدها الحقيقي، هو بخطابه الداعي إلى إسلام تنويري يفتح المدارس للغة العربية والجامعات للدراسات الإسلامية تاريخا وحضارة، ودامجا الطلبة من أصول إسلامية مع الاخرين بدون تمييز وواعدا بفتح مجالات التكوين المهني والعمل لهم، مبعدا بذلك الاصوليين والمتشددين القابضين على أدمغة الشباب المسلم ، هذا الخطاب يعطينا طوق نجاة حتى لا نصبح الضحية النموذجيه لليمين المتطرف الذي ينتظر على الأبواب، وقد يصل السلطة بالانتخابات الرئاسية المقبلة، برنامجه السياسي لا يحتوي على أي بعد تنويري وانما فقط عنصري واقصائي، هذا الخطاب الذي يجد بما حدث وسيلة للتطور والسيطرة مستغلا غضب الناس وتزايد العداوة تجاه المسلمين.

التفاعل الإيجابي مع خطاب الرئيس ماكرون من المؤسسات الإسلامية وخصوصا أنها لم تندد بالخطاب بل دعمته في معظم ما جاء به، العمل الدؤوب لابعاد الاصوليين والقبول بدون تردد بالدفاع عن القيم المؤسسة للدولة الفرنسية، التضامن الواضح مع بقية الشعب الفرنسي المصدوم وإظهار ذلك بكافة الوسائل المتاحة واستنكار ما حدث بأعلى صوت وهذا ما بدأ،  المشاركة بالحملة الانتخابية القادمة تحضيرا وتصويتا قد يعيد المكون المسلم بفرنسا لمربع المواطنة المسالمة الفاعلة بنفسها وبمجتمعها وتراجع خطاب الكراهية بين الجانبين.  نرى العدد الكبير من الكفاءات بكل المجالات بين ابناء الجالية وهم يساهمون كاطباء ومهندسين وتقنيين وعمال وفي كل المجالات المنتجة. يستطيعون حقا لو استرجعوا حقهم بالفكر المستقل وممارسة دينهم إن أرادوا مثل الآخرين ( الهنود او الصينيين مثلا) بدون خلط الدين بالسياسة او القانون ان يصبحوا مصدر إلهام للمجتمع الفرنسي والغربي وحلقة وصل لبناء الجسور بين الشعوب بدل العيش بمتاهات إلاوهام.

كاتب ومحلل سياسي

التطبيع الخليجي الإسرائيلي ثمن الحماية وكلفة ألاستبداد . القدس العربي 20 أكتوبر 2020

التطبيع الخليجي الإسرائيلي

 ثمن الحماية وكلفة الاستبداد

د. نزار بدران

حتى نفهم الدوافع الحقيقة، وراء تطبيع العلاقات بين بعض الدول العربية وإسرائيل، في هذه الفترة بالذات، علينا أن نطرح على أنفسنا سؤال بسيط وهو، ما هو الشيء الذي يحرك هذا النظام أو ذاك، بمعنى ما هو المُحرك العملي لفعله.

بالدول الديمقراطية، حيث الانتخابات حرة، يوكل بها الشعب حزباً أو مجموعة، لتحقيق مصلحته ومآربه بشفافية كاملة، تحت مراقبة المجتمع المدني. فإننا بالأنظمة الديكتاتورية، نرى أن هذا الشعب، غائب أو مُغيب تماما، فالنظام موجود بقدرة قادر، أو بفعلة فاعل، وليس له من قريب أو بعيد، أي ارتباط بالإرادة العامة للمواطنين، ولا يحمل أي برنامج مُحدد شفاف، يتوافق مع رغبات الأغلبية من الشعب.

السلطة المستبدة، هي التي تضع السياسات بشكل منفرد، خارج المجتمع، والذي ما عليه إلا أن يقبل بها، بغض النظر عن الأضرار التي قد تصيبه. هذه السلطة قد تكون بيد شخص واحد، بمعنى أن كل مراكزها، تُؤتمر بأمره، ولا مكان للتوازن بين قوى مختلفة، كما كان الحال عليه زمن الرئيس صدام حسين أو حافظ الأسد أو جمال عبد الناصر. أو قد يكون هناك مراكز متعددة في السلطة، يربطها توازن مصالح، كما نرى مثلاً ببعض الدول الملكية كالمغرب أو السعودية سابقاً.

في الحالة الأولى، أي حكم الشخص الواحد، تسير الأمور، في حالة الاحتجاجات الشعبية، نحو المواجهة العنيفة، العنف هو الوسيلة الوحيدة التي يُحسن استعمالها المستبد الفرد، بينما في حالة المجموعة المتحالفة المستبدة بالسلطة، فإننا قد نرى تغيرات أو انقلابات، داخل السلطة نفسها (ما يُسمى ثورة القصر)، قد تؤدي إلى تخفيض مستوى العنف والخسائر بحالة انفجار ثورة شعبية، هذا ما نراه مثلاً بلبنان مع توازن زعماء الطوائف، أو ما نراه بالمملكة المغربية، حيث أن القوة النافذة بالسلطة، اضطرت لاعتماد سياسة انفتاحية، قد تؤدي إلى تخفيف حدة التوترات، وتسمح بتغيير بطيء ولكن سلمي. عكس ذلك الوضع بالسعودية، تحول من حكم عائلة مالكة، مع توزيع مراكز السلطة، على العائلة الحاكمة، إلى سلطة الفرد الواحد، منذ تولي الأمير محمد بن سلمان عملياً أمر البلاد، وهذا ما قد لا قد يُحمد عقباه.

هذه الدول الاستبدادية بكل أنواعها، تُحدد سياساتها الداخلية والخارجية، بناءً على ما تعتبره مصلحة بقاء النظام وديمومته، فمثلاً، عندما يقوم الرئيس، عبد الفتاح السيسي، بالارتماء بأحضان أمريكا، والتفاهم على حصار غزة، فهو بكل تأكيد لا يهدف لحماية الشعب الفلسطيني أو سكان سيناء، بل العكس تماماً، هو يدفع الثمن لقاء دعم أمريكا له، ضد تطلعات شعبه بحكم ديمقراطي، الذي سيكون بالتأكيد داعماً لأهل غزة، وليس مشاركاً بحصارها. نفس الشيء تقريباً زمن الرئيس الأسبق حسني مبارك، ورغبته العارمة بتوريث السلطة لأولاده.

ما هو إذاً المحرك وراء سياسات الدول الخليجية ألتي تطبع أو ستطبع مع إسرائيل، هل هو المصلحة الوطنية العليا لدولهم، أو للأمة العربية، أو الرغبة الجامحة بإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس، لحل النزاع، حتى تتمكن هذه الدول من البناء والتعمير وتحقيق أحلام شعوبها، أم ماذا؟، الحقيقة أن مُحرك هذه الحكومات، هو بكل بساطة، شعورهم بأن زمن جديد قد بدء، منذ سقوط الأنظمة الديكتاتورية، ببقاع كثيرة بالعالم، وأن دورهم هو على الأبواب. هذه الأنظمة تبحث إذاً عن حامٍ لها، واهمة أن إسرائيل وأمريكا، تستطيعان مساعدتها بفعالية، للوقوف أمام تطلعات شعوبها، بالوصول للحكم الرشيد، شرعيته الشعب وليس العائلة أو الأوهام الغيبية. مقابل ذلك تدفع الثمن الذي يُطلب منها وبدون تردد، مالاً واعترافاً وعلاقات وغيره.

السياسة الأمريكية بالشرق الأوسط، مرتبطة بشكل وثيق بالمصالح الإسرائيلية، لذلك فإن الثمن المطلوب دائماً، لحماية هذا النظام أو ذاك، أو لتقديم المساعدات أو رفع العقوبات الدولية، هو دائماً الموافقة على الإرتماء بإحضان إسرائيل والتحالف معها، وتسهيل سيطرتها على مقدرات الأمة، هذا أيضاً ما هو مطلوب من السودان، لرفع اسمها عن قائمة الدول الداعمة للإرهاب، مع أن الشعب السوداني، قام بثورة أطاحت بالنظام الإرهابي، فبدل مساعدته بإرساء الديمقراطية، يُحاصر من جديد لإجباره على دفع الثمن الإسرائيلي المطلوب، ونجد بين العسكر المشاركين، بالمرحلة الانتقالية، من يروق له هذا التوجه، بدعم دول الثورات المضادة المُطبعة. لكن الشعب السوداني بوعيه وبوعي المكون المدني للسلطة، لن ينجر على ما يبدو وما نأمل لهذه المطالب الأمريكية، رغم حاجته الماسة للدعم الاقتصادي. هذا ما يُميز أنظمة الربيع العربي عن الأنظمة الديكتاتورية، حيث لا مكان للرأي العام في سياساتهم. نحن نعتقد أيضاً أن الثمن المطلوب من الحكومة الإيرانية، لرفع العقوبات الأمريكية عنها، هو مرتبط أيضاً بالسياسة الإيرانية تجاه إسرائيل، وليس كما يُدعى، دعم الشعب الإيراني لإرساء نظام ديمقراطي أو التخلي عن مشروع نووي خيالي. 

حماية الأمة من الخطر التطبيعي الداهم، والذي كما رأينا سابقاً، مع معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل منذ أكثر من أربعين عاماً، لا تؤدي إلى أي ازدهار، وإنما فقط حماية النظام الموقع المُطبع. فمثلاً من وجهة نظر الحكم المصري، فإن التطبيع الساداتي باتفاقيات كامب ديفيد، هو ناجح، لأنه استطاع الحفاظ على ديمومة النظام العسكري، وإفشال ثورة 25 يناير، طبعاً النتيجة هي عكسية للشعب المصري، والذي ازداد فقراً، وفقد كل أشكال الحرية. 

هذه الأنظمة تطرح على الأمة إشكالية مهمة، وهي ماذا ستكون عليه الأحوال بالمستقبل، وماذا سنترك لأبناءنا من بعدنا. تُبذر الثروات، وتضيع السيادة وتُقسم الأوطان (جنوب السودان) وذلك فقط كأثمان ندفعها جميعاً، حتى تبقى هذه الأنظمة جاثمة على صدورنا. 

لا حل إذاً إلا بتوحيد جهود كل قوى المجتمع، خصوصاً القوى الشبابية المنتمية للمستقبل، والباحث على اللحاق بركب الأمم، لزعزعة أنظمة الردة والاستبداد، ولدعم أنظمة الثورات والربيع العربي، حتى لا تضطر قهراً للسير بجانب هذه الأنظمة، وراء الخطط الإسرائيلية الأمريكية. دعم السودان مثلاً واجب علينا، خصوصاً وهو يأن، تحت وطأة العقوبات الأمريكية، وويلات الفيضانات العارمة والفقر، وقد أضاع البشير، الرئيس المخلوع، جنوب البلاد الغني بالبترول، كثمن دفعه حتى يُرفع اسمه عن قائمة الإرهاب، وما زال النظام الجديد، متأرجحاً بين المدنيين والعسكر، بين الجديد والقديم.

الاستمرار بالحراك الديمقراطي العربي، كما نرى بلبنان والعراق والجزائر، التضامن الحقيقي لهذه الحركات قد يكون الوسيلة الفعالة، لعودة الروح إلى أمة ال 400 مليون مواطن، بإمكانياتها الهائلة، المُبذرة حالياً كثمن لبقاء الاستبداد.

كاتب ومحلل سياسي

التهافت على إنتقاد الرئيس ماكرون . القدس العربي 13 أكتوبر 2020. نزار بدران

يتهافت الكتاب المسلمون، في مناطق عديدة في العالم وبعض الزعماء، على الرد على الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، وكأنه بخطابه الشهير، قد توجه إلى الأمة الإسلامية، من دانيها إلى قاصيها.
والغريب أن هذا الإجماع، كان مفقوداً تماماً، عندما تدخل الرئيس الفرنسي، في الشأن اللبناني وعين نفسه حاكماً للبلاد، مُحدداً سياساتها مُتجاوزاً كل الأعراف، مُعيداً تقريباً زمن الانتداب، بل على العكس، وجد من الكُثر الترحيب والدعم.

البُعد الانفعالي

يحق لأي شخص طبعاً، أن يُعلق وينتقد كلام أي رئيس في العالم، ولكن المشكلة بالنسبة لخطاب الرئيس ماكرون، هو هذا البُعد الانفعالي بالرد عليه من خارج فرنسا، وبحدة وتحد، بينما المعنيون بالأمر، أي مسلمو فرنسا، لم يكونوا بتلك الحدة، بل على العكس، فمعظم المسؤولين بالهيئات الإسلامية الجامعة، وحتى رئيس جامع باريس، مع بعض التحفظ، بسبب خلافات داخلية داخل المؤسسات الإسلامية، وشيوخ جوامع عدة في مدن فرنسية رئيسية، لم يجدوا حرجاً في ما قاله الرئيس الفرنسي، بل أعلنوا أنهم كانوا ضد التطرف الإسلامي لفئة قليلة، وأنهم مع أن تبني فرنسا، مع مسلميها الـ 6 ملايين، وسائل التعبير وممارسة دينهم، بما يتوافق مع قيم الجمهورية الفرنسية العلمانية.
لم نر أي مظاهرات عربية أو إسلامية، داخل فرنسا، أو احتجاجات شعبية، ولا حتى في الأحياء ذات الأغلبية المسلمة، علماً أن هذه الأمور، شيء مألوف في فرنسا، خصوصاً زمن السترات الصفراء.
الرئيس الفرنسي، قال شيئاً يهم الشعب الفرنسي، والمسلمين الفرنسيين، أو المقيمين في فرنسا، وخصوصاً المتدينين منهم، والذين هم قبل غيرهم، يودون عزل المسلمين الأصوليين، الذين كانوا وصمة الشر التي لحقت بنا جميعاً هنا، ووضعتنا في مهب رياح الانتخابات الفرنسية، والتي ستجري بكل تأكيد، بين اليمين المكروني، واليمين اللوبيني المتطرف.

القوانين العلمانية

لا توجد أي مصلحة في هذا الجو، لملايين المسلمين الفرنسيين، أن يظهروا وكأنهم، دُعاة انفصال وانعزال، عن المجتمع الذين هم جزء منه، ويرفضون قوانين الدولة التي يعيشون بها وكرههم لها.
هم يدركون ذلك، وقد فهموا أفضل من غيرهم مقولة «من أحب قوماً فهو منهم».
وقد أظهرت دراسة، نشرها معهد مونتين الشهير 2016 بعنوان «الإسلام الفرنسي ممكن» بإشراف الأستاذ المتخصص، من أصول مسلمة، «حكيم القروي» أن ثلاثة أرباع المسلمين في فرنسا، يؤيدون البقاء والعيش بكنف القوانين الفرنسية العلمانية، وقد تكون هذه الدراسة جزءا من الوثائق التي أغنت تفكير الرئيس ماكرون.
ينتقد كثيرون أيضاً، أن هذا الخطاب، يذهب في اتجاه اليمين المتطرف لأسباب انتخابية، تهدف سرقة أصوات الناخبين اليمينيين، قد يكون هذا الوصف صحيحاً، لو تناسينا أن أهم جزء من الخطاب، ليس هو مراقبة الجمعيات الإسلامية، على المستوى المالي والتنظيمي، بل هي الإجراءات الإيجابية، نحو المسلمين في فرنسا، مثل تعليم اللغة العربية في المدارس بدل أن تُترك لبعض دعاة السلفية في الزوايا، هذا ما لا يقبله اليمين الفرنسي المتطرف ولا حتى غير المتطرف.
هو أيضاً ضرورة إرسال الأطفال، ابتداءً من سن الثالثة إلى المدارس الحكومية، وإلغاء التدريس في البيوت، إلا لذوي الإعاقات والأمراض، هو إعادة فتح الجامعات الفرنسية، مثل جامعة السوربون للدراسات الإسلامية، بما فيها الحضارة والدين الإسلامي، وهو ما كان قد اختفى منها، بعد انتهاء الاستعمار، هو إعطاء ملايين المسلمين بفرنسا، إمكانية أن يُكَوِّنُوا بأنفسهم أئمتهم، وألا يستوردوهم من الخارج، وهو ما أدخل الفكر السلفي والأصولي إلى عدد ليس بالقليل إلى الجوامع، هو أيضاً إعطاء جيل الشباب، من أصول مسلمة وسائل التعلم والحصول على فرص عمل. لا أظن أن كل ذلك، مكتوب بالبرامج الانتخابية لليمين المتطرف، والذي يركز على ضرورة عزل المسلمين ومراقبتهم وإعادتهم إلى بلادهم الأصلية، حاملين فكراً وتصرفاً عنصرياً واضحاً.
من ناحية أخرى، فإن المسلمين في فرنسا، كجزء من النسيج الوطني، وكباقي مكونات المجتمع، وضعوا خطاب ماكرون، محل أخذ ورد، رفض وقبول، تحية أو تنديد، لكن لا أحد يمنع هؤلاء من التصويت ضده وضد قوانينه، وهم كثر، ويستطيعون بكل تأكيد لو تحركوا كمجموعة، أن يحددوا أهم مراكز السلطة في فرنسا.
من يجد نفسه مظلوماً، فالمحكمة الدستورية مفتوحة لنقد قرارات الدولة، وغير ذلك كثير. هل إخوتنا في الدول الإسلامية، يستطيعون التمتع بهذه الإمكانيات.
من ناحية أخرى، لماذا يهتم الرئيس التركي بهذا الشأن، وكأننا في فرنسا رعايا أتراك، بينما هو يتعامل مع اللاجئين السوريين وأغلبيتهم مسلمون، كبضاعة تجارية، يُهدد بها أوروبا دائماً، إن لم يفعلوا كذا وكذا ويدفعوا، فسيفتح باب الهجرة للاجئين للزحف على أوروبا.

ما أود أن أعرفه، هو بأي حق يقف السيد اردوغان، سداً منيعاً أمامهم للذهاب إلى أوروبا إن كانت تلك رغبتهم، ويُجبر جزءا منهم على المخاطرة، للسفر بالبحر، ليصبحوا طعاماً لأسماك القرش. أليس الأصح، أن تُحترم الحقوق الإنسانية لهؤلاء، وأن يُعتبروا بشراً، وليس فقط وسيلة ضغط سياسية، وأداة طيعة بين يديه، مُستغلاً ضعفهم وضيق حالهم.

الإعدامات العشوائية في مصر


ما هو موقف الأزهر الشريف، من الإعدامات العشوائية في مصر، وقد أعدم السيسي 15 شاباً بريئا، بعد موجة المظاهرات الأخيرة، وبموافقة مفتي الديار المصرية.
أين العدالة الإلهية وفعالية الأزهر من ذلك، أليس ذلك دليلا قاطعا على أزمة مؤسسات الدين الإسلامي، أم أن الصياح مع الذئاب على خطاب الرئيس ماكرون، أسهل له ويستطيع أخذه بلا أدنى مخاطرة.
عندما يصبح المواطن العربي، والمواطن المسلم، بوطنه بلا قيمة، ولا يجد من يحميه أو يدافع عنه، فإننا نجد العشرات، ممن يتطوعون للدفاع عما يتصورونه، حقوق المواطنين المسلمين في فرنسا، وكأننا هنا نعيش دون حقوق، وننتظر من أئمة ومشايخ الشرق والشرق الأقصى، أن يهبوا للدفاع عنا.
الانتخابات الفرنسية قريبة، وهي دائماً المناسبة، لطرح جميع مشاكل البلد السياسية والاجتماعية، والإتحاد الأوروبي، والعلاقة مع روسيا وأمريكا، والبريكست، والتلوث البيئي وألف شيء آخر، ولولا وجود الانتخابات الحرة في النظام الديمقراطي، لما اهتم أحد بمشاكل الناس ومعاناتهم، كما يحدث للأسف في بلادنا العربية والإسلامية.
الانتخابات هي الفرصة الذهبية، التي تسمح لكل مجموعة اجتماعية، التعبير عن مشاكلها وهمومها. فلننظر أولاً إلى أنفسنا، ونحاول تصليح حالنا، والدفاع عن المستضعفين في بلادنا، عن المشردين والمحرومين من العمل والسكن والصحة، عن المعرضين للكوليرا كما نرى في اليمن، أو بالنوم بالعراء في دول الشعوب المُهجرة كالعراق وسوريا.
نأمل من مفكرينا وكتابنا، أن يلتفتوا ولو قليلاً إلى معاناة هؤلاء الفقراء على طول البلاد وعرضها، فقد نكون بهذه الحالة، أكثر إفادة للناس، وأكثر احتراماً لقيم الأخوة التي يحملها الدين الإسلامي.
نحن واثقون، أن الجالية المسلمة والعربية في فرنسا، تستطيع تنظيم نفسها، لو أرادت واجتهدت، وأن تكون أكثر فعالية من أجل الدفاع عن مصالحها، وهذا ما بدأنا نراه في عدد كبير من الدول الأوروبية، وهي ليست في حاجة لأئمة ومشايخ الوهابيين والأصوليين.

كاتب ومحلل سياسي

الفصل التعسفي للتلاميذ الفلسطينيين في لبنان. القدس العربي 01 أكتوبر 2020. نزار بدران

قامت السلطات اللبنانية مؤخراً، ومع بداية العام الدراسي الجديد، كما ذكر بمصادر إعلامية وبمواقع التواصل الاجتماعي للمؤسسات المجتمع المدني، بفصل عدة آلاف من التلاميذ الفلسطينيين، المُسجلين في المدارس اللبنانية، وعدم قبول أي طالب فلسطيني جديد.
الأسباب الحقيقية لذلك لم تُعلن بشكل واضح، ولكن النتائج ستكون كارثية على هؤلاء التلاميذ وعلى عائلاتهم في زمن الكورونا، حيث يتوجب عليهم، الالتحاق في مدارس أخرى، وهي في معظم الأحيان، إن وُجدت، تبعد مسافات طويلة عن أماكن سكنهم، وتفرض على هؤلاء التلاميذ الصغار، أن يفترقوا عن مدارسهم، ورفاقهم، وأساتذتهم.

السياسة التمييزية

ما هو ظاهر للوهلة الأولى للعيان، أن هذه السياسة التمييزية، والتي تحمل شعار اللبناني أولاً، مع أن الفلسطينيين متواجدون هناك منذ أكثر من سبعين عاماً، تهدف إلى التجاوب مع زيادة عدد الطلبة اللبنانيين، بعد تدهور الوضع المالي، لعديد من أهالي التلاميذ اللبنانيين المسجلين في المدارس الخاصة، وهو ما دفعهم إلى البحث للالتحاق في المدارس اللبنانية المكتظة. طرد التلميذ الفلسطيني، كان إذاً الحل السهل لهذه الإشكالية.
ما يُظهر بشاعة هكذا قرار، هي تلك التفاصيل العنصرية التي يحتويها، فهو يقسم التلاميذ إلى ثلاثة أنواع، أولاً، اللبناني أباً، ثانياً، التلميذ الذي له أم لبنانية وأب فلسطيني، وأخيراً، التلميذ الفلسطيني أباً وأماً، وإعطاء الأولوية طبعاً، بناء على هذا التسلسل.

نظام طائفي

الآن لو وضعنا هذه السياسة الجديدة، بإطار السياسة الرسمية اللبنانية، منذ عشرات السنين، فإننا لن نستغرب من شيء، فالفلسطيني بلبنان، ضحية نظام طائفي، يُطبق عليه قوانين تمنعه من العمل، في المؤسسات اللبنانية بمجالات عديدة، مثل الطب والهندسة وعشرات المهن الأخرى، وحتى بالتملك والتوريث هو الضحية السهلة، والتي لا يدافع عنها أحد.
في هذه الفترة الصعبة على القضية الفلسطينية، حيث تم تقليص الخدمات المُقدمة من الأنوروا للاجئين الفلسطينيين، خصوصاً في المجال التعليمي، واكتظاظ المدارس التابعة لها، وعدم مقدرتها على تقديم الخدمات لكافة الطلبة، يُطرد التلميذ الفلسطيني من مدرسته، ويُترك على قارعة الطريق، وكأن حقوق الناس الإنسانية، لا تعني في شيء، السلطات اللبنانية، ولا حتى المؤسسات المهتمة في شؤون اللاجئين. فصل اللبناني عن الفلسطيني، حتى على مقاعد الدراسة، يحتوي على هدف سياسي، وهو إبعاد اللبناني عن التفاعل مع القضية الفلسطينية، وإعطاؤه الانطباع أن مآسيه، هي بسبب الوجود الفلسطيني، وليس من فشل الإدارة اللبنانية المزمن، بحل مشاكل لبنان.
الفكر الطائفي السائد، يفصل الفلسطيني عن اللبناني، بمجالات العمل والسكن والتعليم، ولا أستغرب أن هذا الفصل، قد يمتد أيضاً، داخل المكونات اللبنانية نفسها. نأمل من الحراك الديمقراطي اللبناني، الداعي إلى إلغاء الطائفية، أن ينتبه إلى خطورة تلك السياسة التعليمية المتبعة، والتي لا تهدف إلا إلى إحكام السيطرة، على التلاميذ اللبنانيين أنفسهم، وتثبيت البُعد الطائفي، وهو ما يتناقض تماماً مع أهداف هذا الحراك.
لا يمكن أن يكون طرد التلميذ الفلسطيني حلاً، لمشاكل نقص الأماكن في المدارس اللبنانية، فقطع اليد، لن يحل أبداً مرض أحد الأصابع.

كاتب ومحلل سياسي فلسطيني مستقل