في يومها العالمي دور الفلسفة باضاءة فكر الثورات العربيه. القدس العربي 22 نوفمبر 2019

في يومها العالمي
دور الفلسفة باضاءة فكر الثورات العربية

د. نزار بدران

يحتفل العالم بالواحد والعشرين من شهر نوفمبر باليوم العالمي للفلسفة، قليلون هم من يهتمون بهذا الحدث والاحتفاء به، خصوصاً بعالمنا العربي، والذي وضع الفلسفة كالبحث العلمي، في مجال الكماليات واللاضروريات. الدول القوية، الغنية، هي من تُكرس أموالاً كثيرة للبحث العلمي، مما يمكنها من البقاء دائماً بالطليعة. نفس الشيء، وإن لم يكن منظوراً كالبحث العلمي ينطبق على الفلسفة، وضرورة الاعتناء بها وتعليمها لكل الأجيال لأهميتها بتطوير الوعي.
الدولة الحديثة والتي وُلدت، مع انطلاق النهضة الأوروبية قبل قرون، ارتبطت عضوياً بموضوع الفكر الإنساني، كمصدر وحيد للمعرفة، والانتهاء تماماً من قرون طويلة، صُبغت بمعتقدات دينية وخرافية، هذا الانتقال لم يكن ممكناً، إلا مع ظهور فلاسفة كبار، أسسوا لعصر الأنوار، بداية بهيوم إلى كانط وهيجل وشوبنهاور وغيرهم.
لإظهار أهمية الفلسفة بوطننا العربي، سأتوقف عن السرد النظري، وسأحاول أن أُظهر للقاريء من خلال أربعة معطيات فلسفية أساسية، الجوانب العملية والحياتية للفلسفة، عن طريق ربطها بالثورات الاجتماعية، الجارية حالياً ببلادنا، أو ما يُسمى بثورات الربيع العربي.

أولى المعطيات وأهمها، هو وحدانية العقل كمصدر للفكر، أي الابتعاد عن اعتماد المعطيات الغيبية الدينية كمرجعية سياسية وأداة حكم. هذه وسيلتنا الوحيدة لإنهاء الخلافات الطائفية، فبخلاف الفكر الإنساني المتغير والمتطور والناظر دوماً إلى المستقبل، لا تقبل المعطيات الدينية أي تبديل، ولا تطرح نفسها للنقد، وإنما فقط للتفسير ناظرة إلى الماضي، فهي بطبيعتها مقدسة، ومصدرها خارج الفكر والعقل الإنساني، فالمسلم أو المسيحي، السني أو الشيعي، لا يحمل قناعات عقلانية، تبناها فكرياً، وإنما صوراً حملها منذ نعومة أظافره، وأصبحت جزء من هوية، وليس جزء من فكر، لا يمكن لأحد أن يُغير دين ومعتقدات أحد آخر بالمناظرة والطرح الفكري، وإلا لرأينا نفس نسب الأديان لمعظم دول العالم، وهذا ليس عليه الحال، فتقريبا 95 بالمئة من سكان الصين، لهم نفس الدين، كذلك الأمر بدول مثل بولندا أو البرازيل، التنوع الديني الموجود بالدول العربية مثلاً قادم من التاريخ، وليس من تغيير الناس لدياناتهم. هذا البُعد الهوياتي للدين، عندما يأخذ بُعداً سياسياً، هو من يُهدد السلم الاجتماعي، ويدفع لنزاعات لا تنتهي، لأن كل طرف يحمل الحقيقة المطلقة، ولا يقبل التنازل عنها، بينما مكان الدين كهوية، هو فقط رفع القيم الإنسانية المشتركة، التي تحملها كل الأديان، كالتآخي والتعاون بين الشعوب والأجناس.
الحراك الثوري اللبناني والعراقي المناوئ للمحاصصة الطائفية كعنوان رئيسي له هو التعبير الأوضح لهذه المعطاة الفلسفية.

المُعطى الثاني المُكمل لذاك، هو التمييز بين أشكال الوعي الذهني، هناك ثلاث مستويات لذلك، الأول هو العلم، وهو يعني دراسة القوانين التي تفسر الطبيعة، ومجالها بامتياز هو البحث العلمي، ذلك البحث المتراكم منذ آلاف السنين، والذي كان صغيراً ببداياته، ولكنه أصبح هائلاً بالحجم والنوع حالياً، وليس له حدود نهائية، هذا البحث يُحدد بنتائجه النقطة الثانية وهي المعرفة، أي الجزء من العلم والذي تم تحديد هويته ومعرفته، قد يفترض العلم وجود كواكب ومجرات عدة، البحث العلمي هو من سيضع هذه النظرية داخل إطار المعرفة. المستوى الأخير هو المُعتقد، بمفهوم ما اكتسبناه بطفولتنا من صور وأفكار ذات صبغة دينية أو تقليدية اجتماعية، هي مُعطيات داخل الذهن الإنساني، قادمة من الماضي وليست نتاج العلم أو البحث العلمي، ولا تدخل لذلك داخل أطر المعرفة وإنما إطار تحديد الهوية والانتماء. محاولات البعض بزج الدين بإطار العلم، عن طريق تفسير بعض الظواهر الطبيعية، أو الاكتشافات العلمية بنصوص دينية، هو شيء يبتعد تماماً عن العلم الحق، وأيضاً عن الدين، والذي لم يُحمل نفسه هذه المسؤولية.

المُعطى الثالث الفلسفي، هو تعريف الهوية الإنسانية، باستقلالية الفكر، أو ما أُطلق عليه “الحاكمية”، وهو يعني أن ما يميز الإنسان هو الحُكم على الأشياء بشكل مستقل، أي الابتعاد عن الفكر الجاهز المفروض والذي يرفض النقاش. احتكار طبقة أو سلطة تحديد ماهية النظام الاجتماعي أو ما يجب أن يفكر به الناس يتنافى مع هذه المعطاة الفلسفية. الحكم الشمولي أو الديكتاتوري يصادر حق الناس الطبيعي بوضع قوانينهم وتنظيم أمور حياتهم.
الحضارة الإنسانية الحديثة بنيت على الأسس الديمقراطية بمفهوم استعادة الناس لحقهم باستقلالية الفكر، ويتساوى كافة الناس بهذا الحق، وهو ما يعبر عنه عن طريق الانتخابات والتمثيل البرلماني، الاغلبية بهذه الحالة تمثل ما يمكن تسميته بالعقل الجماعي أو حكم الأغلبية.
مطالبة الجماهير المتظاهرة والثائرة بالدول العربيه بإسقاط الأنظمة الاستبدادية واستبدالها بأنظمة منتخبة مدنية هو التعبير الأفضل لهذه المعطاة الفلسفية.
كان ابن رشد وهو فيلسوف مسلم من الأندلس قد دافع عن استقلالية الفكر واولوية العقل قبل الفلاسفة الأوروبيين بعدة قرون، ولكن لم يسمعه بزمانه غلاة الدين والمتسلطين على الحكم، ولكن كتاباته وترجمته المميزة لفكر أرسطو أبو الفلسفة اليونانية وتعليقاته عليها هي التي ألهمت الفكر الغربي فيما بعد.
المُعطى الرابع والأخير، الذي أريد ذكره، هو أن الفلسفة وضعت الإنسان بمكان المركز، وكما يقول إيمانويل كانط، بالقرن الثامن عشر، فإن الإنسان هو هدف بذاته، ولا يمكن أن يُستعمل كوسيلة، الإنسان هو الهدف النهائي لكل جهد وعمل إنساني. وهو ما يتناقض عملياً مع الواقع العربي، حيث لا نرى بالمواطن إلا وسيلة للنهب والسرقة، ولا توضع سياسات لصالحه، وإنما لصالح المجموعة المُتمسكة بالسلطة.
ولدلالة على هذه المقولة الفلسفية نعطي مثال استخدام الجاليات المهاجرة بالدول العربية كوسيلة ضغط او انتقام نظام من آخر ، فالجالية الفلسطينية بالكويت او السعوديه كانت ضحية الموقف المنسوب لياسر عرفات زمن الحرب العراقية واحتلال الكويت حيث طرد معظم الفلسطينيين. كذلك وضع نفس هذه الجالية بليبيا زمن القذافي . يمكن أن نرى ذلك للأسف بالخلافات بين فتح وحماس وما يتبعة من مضايقات من هذه السلطة أو تلك للموظفين من قطع رواتب أو تحديد حريات عامة.
النظام المصري كغيرة من الأنظمة القهرية لا يتوانى عن اعتقال أبناء او اقارب معارضيه كانتقام وتخويف. استعمال داعش للنساء وحتى الاطفال لتنفيذ هجمات انتحارية هو أكثر الأشكال وضوحا لتحويل الإنسان من هدف للعمل والجهد إلى مجرد قنبلة تفجر متى يريد الزعيم. خارج الدول العربية نرى مثلا إستخدام تركيا للاجئين السوريين وغيرهم كورقة ضغط على بعض الدول الأوروبية من ناحية منعهم من السفر او التهديد بفتح الحدود أمامهم للذهاب إلى أوروبا الغربية.
عدم احترام مركزية الإنسان هو إنهاء لانسانيته. مطالب الثوار بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية هو ترجمة أمينة لهذه المقولة الفلسفية.

ثورات الربيع العربي، تُظهر أن المفاهيم الفلسفية العريقة، والتي بُنيت عليها الحضارة الغربية الحديثة، وكل الأمم الديمقراطية بالعالم هي نفسها التي تحرك الناس بالشوارع والساحات، دافعة باتجاه بناء الدولة الحديثة، والتي تضع الإنسان المواطن، بالمركز كهدف لكل سياساتها وجهدها، وتحمي حقه بالحرية، واستقلالية الفكر، عن طريق الانتخابات وغيره من الوسائل، وتؤمن له السلم الاجتماعي، عن طريق نبذ الطائفية والقوالب الفكرية، التي تتنافى مع المفهوم الفلسفي لحرية الفكر المستقل “الحاكمية”.
تعليم الفلسفة بالمدارس، باعتبارها مادة مهمة لنتعلم كيف نتعلم وكيف ننقد، وتطوير البحث الفلسفي العربي، بناءً على تاريخنا الطويل، والانفتاح على المقولات الفلسفية للشعوب الأخرى، وكلها متقاربة ومتساوية، يحمل بنظري نفس الأهمية التي يحملها البحث العلمي، فلا علم ممكن بدون وعي وفكر متطور.

كاتب و محلل سياسي

اقتراحات لتنظيم عمل الجاليه الفلسطينيه بفرنسا

اقتراحات لتنظيم عمل الجالية الفلسطينية بفرنسا

ورقة عمل للنقاش

د. نزار بدران

مقدمة

تتميز الجاليات الفلسطينية بالعالم الغربي، على قلة عددها النسبي، بمستواها الثقافي والعلمي والمهني المميز، وكذلك مقدرتها على الاندماج بالمجتمعات المحلية والمشاركة بالفعاليات الاجتماعية والسياسية لهذه المجتمعات. انفتاح هذه المجتمعات وديمقراطيتها العريقة، يسمح لأبناء الجالية بالتعبير الحر والعمل بدون عوائق كبيرة، رغم وجود مجموعات ضاغطة معادية بالصحافة والأحزاب السياسية.

هناك بُعدان لأعضاء الجالية الفلسطينية بفرنسا :

الُبُعد الأول، هو الانتماء إلى العمل الفلسطيني من منظار حراك سياسي مُعين، بانتماء رسمي أو غير رسمي، فقد ننطوي تحت فكر جبهة فلسطينية مُعينه، كحركة فتح أو حماس أو الجبهة الشعبية وغيرها، ونُدافع عن أهدافها وتصوراتها، وقد لا نكون منطويين تحت فكر معين لحركة معينة، وإنما نحمل فكراً مستقلاً، بمعنى الانتماء إلى تيار فكري كالليبراليين، أو الاشتراكيين، أو القوميين بدون انتماء لحركة سياسية، وهذا ما نسميه المستقلين.

هذا البُعد الأول، يعني وجود خلافات بالرؤى والتصورات ووسائل العمل، للوصول إلى الهدف الوطني، وهو مرتبط بتاريخ الشخص وانتماءه الطبقي، والتأثيرات التي عاشها بحياته بالوطن أو بالمهجر.

هذه الاختلافات بالرؤى، هي التعبير الصحي عن حيوية المجتمعات، وليس نقطة ضعف فيها، توحيد الرؤية السياسية لكل أطياف الشعب هو ما يُسمى الشمولية، أي عدم وجود الرأي المعارض، حيوية الديمقراطيات الغربية، مرتبطة بالتعددية السياسية والفكرية، وليس بتوحيد الرؤى وتشابهها.

لا يتفق الناس أجمعين إلا على القيم والمباديء العامة، وليس على الفكر الفلسفي والوسائل السياسية، عند الفلسطينيين، القيم والمباديء العامة، تُدعى الثوابت الوطنية، وهي بشكل عام مرتبطة ببعض النقاط القليلة والواضحة والمتوافقة مع مباديء حقوق الإنسان، المُعلن عنها منذ عام 1948 من قِبل الأمم المتحدة، وليس الشرعية الدولية، والتي هي نتاج توازنات سياسية لقوى مختلفة، والتي قراراتها ، تُعبر حين تبنيها عن موازين قوى ومصالح الأقوياء، ولا تعكس أبداً قيم الإنسانية (مثل قرار تقسيم فلسطين أو الاعتراف بإسرائيل).

فقرة واحد /ما نتفق عليه ) ما يجب أن نتبناة كمبادىء داخل جمعية الجالية للتعريف بنا أي من نحن )

نحن الفلسطينيون نتوافق إذاً على الثوابت الدائمة المرتبطة بالحقوق الإنسانية وهي أولاً حق تقرير المصير للشعوب، حق العودة لأرض فلسطين، وهو ما يتناقض مع قرار تقسيم فلسطين الشرعي حسب المعيار الاممي ،اعتبار القدس عاصمة لفلسطين ، حق اللاجئين بالعمل والعيش بكرامة، وهو ما يتناقض مع القوانين التميزية في كثير من الدول خصوصاً لبنان. حق المواطن بالتعبير عن رأية بحرية، وهو ما يتناقض مع مراقبة الفكر ووسائل التواصل الاجتماعي. حق الفلسطينيين بالتنقل والحركة وهو ما يتناقض مع حصار قطاع غزة وإغلاق المعابر. حق الفلسطينيين بانتخابات حرة نزيهة مُراقبة. حق الفلسطينيين بإطار شامل يجمعهم وهو منظمة التحرير الفلسطينية، وهو ما يتناقض مع الاختلاف الحالي بين الحركات الفلسطينية. الانتماء للأمة العربية، وهو ما يتناقض مع الانكفاء على النفس.

(فقرة اثنان /ما نختلف عليه( ما لا يجب أن نتبناه داخل جمعية الجالية

كلنا إذن نتوافق على ذلك، ولكننا ننتمي لمدارس فكرية مختلفة، أي سنختلف مثلاً على أهمية ودائمية العمل المسلح لتحرير فلسطين، على إقامة دولة فلسطينية بالضفة وغزة، على اعتماد الدين بالعمل السياسي في مجتمع متنوع بأديانه ومعتقداته، على طبيعة العلاقات مع الأنظمة العربية المحيطة، على علاقتنا مع اليسار الإسرائيلي وعلى الاتفاقيات الموقعة مع إسرائيل، على أهمية المصالحة بين فتح وحماس، على كيفية إعادة اللحمة بين الأطياف السياسية الفلسطينية، على سياسة السلطة الفلسطينية، على اعتماد الكفاح السلمي والمظاهرات كوسيلة وحيدة للنضال، على تبعية الاقتصاد الفلسطيني للدعم الخارجي العربي أو الغربي، على مُعطيات الربيع العربي، وكُثر أخريات.

تنافر واختلاف الرؤى، مُقابل توحيد الثوابت والقيم، هو شيء يجب الحفاظ عليه، لإغناء الفكر وتقوية العمل، كما نرى بالدول الغربية. وحدها القاعدة الشعبية، عن طريق الانتخابات العامة، أو داخل الأطر الرسمية ( برلمانات، مؤسسات، جمعيات)، من يُحدد أي توجه يُعتمد للعمل، بعد التأكد من تطابقة مع القيم والثوابت ( أو الدستور بالدول الغربية).

لذلك فنحن لسنا دعاة تفرقة عندما نختلف، ولكننا دعاة إغناء فكري، ونُذكر بجملة تشرتشل، رئيس وزراء بريطانيا زمن الحرب العالمية الثانية بما معناه، سأحارب فكرك بما أستطيع من قوة ولكنني مستعد أن أموت من أجل أن تقول وتفكر كما تشاء، أو كما قال ميشيل روكار، رئيس وزراء فرنسا الأسبق أمام البرلمان الفرنسي عام 1988، (الحرية هي أن تكون حراً لتفكر بطريقة أخرى la liberté c’est le droit de penser autrement).

فقرة ثلاثة/ خصوصيات الجالية ومهامها (ما يجب أن نعمل داخل جمعية الجالية أي ما نريد) البُعد الثاني لأعضاء الجالية، هو كونهم بالتحديد، أبناء جالية بمعنى، مجموعة من الناس خرجوا طوعاً أو قصراً من أوطانهم، ويعيشون بأرض أخرى مع شعب آخر، هذه الوضعية الحالية للجالية بفرنسا، تفرض عليها واجبات جُدد ومختلفة عمن يعيش بأرض الوطن.

أولاً الدفاع عن هوية الجالية الفلسطينية، ونقل هذه الهوية إلى الأبناء كالغة العربية، والعادات، وقيم الانتماء لفلسطين، وتاريخ الوطن، حتى لا تتحقق نبوءة بن غوريون بأن الكبار يموتون والصغار ينسون.

ثانياً تقوية العلاقات الداخلية بين العائلات الفلسطينية وهم أصلاً قليلي العدد، مقارنة بالجاليات الأخرى ( الأرمن، البرتغاليون وغيرهم).

ثالثاً تطوير وسائل الاندماج بالمجتمع الفرنسي المستقبل، خصوصاً على مستوى التعلم والعمل والمشاركة السياسية والاجتماعية (مؤسسات، أحزاب، جمعيات)، ودعم الشباب الفلسطيني لذلك ( أبناء الجالية المولودين بالمهجر).

رابعاً تطوير وسائل التواصل مع الجاليات الفلسطينية الأخرى بأوروبا والعربية بفرنسا وغيرها كالمشاركة بمؤتمرات العودة والنشاطات العامة الأخرى.

خامساً توصيل رسالة فلسطين والحق الفلسطيني للمواطن الفرنسي، مُدركين تماماً أن السياسات الرسمية للحكومة والأحزاب، يُحددها الراي العام، وليس العكس، فالعمل مع المجتمع المدني الفرنسي هو من قد يغير المواقف السياسية الرسمية (مثال حملة المقاطعة,BDS).

سادساً دعم حقوق وكفاح المواطن الفلسطيني بكل أماكن تواجده.

سابعاً الدفاع عن مصالح الجالية ككل، بالانتماء لفلسطين والمشاركة بالقرارات المُتخذة خصوصاً ما تتعلق بحقوق اللاجئين والمغتربين، فالجاليات الفلسطينية يجب أن تكون إثراء للعمل والفكر الفلسطيني، وليس تمزيقاً للمجتمع وتشتيتاً لقواه، هي قوة إضافية مهمة لدعم الحق الفلسطيني، خصوصاً أنها متمكنة في كثير من الأحيان في الأطر المحلية الاجتماعية والسياسية.

فقرة اربعة/ خلاصة

خلاصة القول، أن على الجالية أن تقوم بمهامها المنوطة بها لكونها جالية، وبشكل خاص إعادة اللُحمة والوحدة للصف الفلسطيني بفرنسا، وثانياً السماح لكل الأعضاء بالتعبير الحر عن الرأي لإغناء النقاش والفكر الفلسطيني، كوسيلة وحيدة لحل الأزمات. تتبنى الجالية وتعمل للدفاع عن القيم المشتركة لأعضائها وهو ما نسميه الثوابت الفلسطينية، وبنفس الوقت تفتح صدرها لكل الآراء والآفكار الخارجة عن الثوابت ، بتناقضاتها وتضاربها، دون تبنيها.والتي يجب أن تطرح فقط من خارج أطر الجالية الرسمية أي خارج اجتماعات الهيئة الإدارية أو الجمعية العمومية، أو المنبر الإعلامي الرسمي للجالية بهذه الطريقة لا يتناقض الانتماء الحزبي مع الانتماء للجالية , وثالثا تعميق الإنتماء لفلسطين لابناء الجالية المولودين بفرنسا. رابعا تسهيل الاندماج بالوسط المحلي الفرنسي، والتعامل معه من خلال مؤسساته المدنية، هي أنجع الوسائل للتأثير بالقرار السياسي على مختلف مستوياته.

قد يكون فتح منبر إعلامي مستقل للجالية وسيلة مناسبة لتحقيق الوحدة وإثراء الفكر

ملحق

دور مؤسسات المجتمع المدني بالمشروع الوطني الفلسطيني

ما هي الاسس التي نستطيع ان نبني عليها لتفعيل دور المجتمع المدني للنهوض بمشروعنا الوطني المشترك. البعد الحقوقي وارتباطه بلائحة حقوق ألإنسان ,هو أول نقطة ارتكاز للدور المُناط بمؤسسات المجتمع ألمدني في إطار المشروع الوطني ألفلسطينيي والذي هو من منظار القانون الدولي مشروع حقوقي بامتياز، ويذكرنا ذلك بمشروع نيلسون مانديلا بجنوب أفريقيا، ونجاحه الباهر بالتحرر.

الُبعد السياسي هو الوجه الثاني لدور هده ألمؤسسات ويعني الدفع باتجاه احترام الثوابت ألفلسطينية من كافة القوى والأحزاب ألسياسية ,وخصوصاً حق العودة كاملاً غير منقوص.

البُعد التاريخي هو البعد الثالث لهذا ألدور, وهو التأكيد أيضاً أن فلسطين ليست فقط ملك الجيل ألحالي, لكنها أيضاً ملك الأجيال السابقة وخصوصاً الأجيال ألقادمة, لا يملك أحد حق التنازل عن أي جزء منها لصالح أي كان. فأبناءنا الذين وُلدوا بالمهجر, لهم نفس الحق التاريخي بأرض فلسطين ,ولا يستطيع أحد حرمانهم منه. حق السيادة على فلسطين, هو ملك الشعب ألفلسطيني, ماضياً وحاضراً ومستقبلا وليس مرتبطاً بمفهوم المُلكية الخاصة للأفراد.

البعد الرابع لدور المجتمع المدني بالمشروع ألوطني هو البُعد الاجتماعي، فمؤسسات هذا المجتمع بتنوع أعضائها وحيويتهم وتجددهم الدائم، الفكري والجيلي، هو منبع لا ينبض لكفاءات سياسية واجتماعيه أنبتتهم أرض ألواقع المبنية على القيم, وتستطيع المشاركة بجدارة بالعمل السياسي وتطوير المشروع الوطني. هي إذا الوسيلة لتجديد العمل السياسي عن طريق فتح المجال للأجيال الجديدة للمشاركة خارج أُطر الولاءات التقليدية أو الانغلاق الفكري .ونموذج مؤسسات المجتمع المدني بتونس بالتوافق الاجتماعي الناجح او نموذج نقابة العمال سوليدارنوش برئاسة ليش فاليزا ببولونيا بفتح باب الديمقراطيات بأوروبا الشرقية لهما التعبير الاكبر والأوضح عن اهمية العمل المدني.

لكل هذه الأسباب علينا أن نُركز بعملنا لفلسطين على مؤسسات المجتمع ألمدني, قبل الارتهان للتيارات ألسياسية, والتي بدون استثناء لم تستطع أن تُحقق المشروع الوطني الكبير

باريس أكتوبر 2018.

——–

لبنان والعراق بدايه نهايه الطائفية. القدس العربي 15 نوفمبر 2019

لبنان والعراق بداية نهاية الطائفية

د. نزار بدران

تسارع وَقع الثورات العربية، منذ نهاية العام السابق، والتي أصبحت ازدواجية، فالسودان ثارت مع الجزائر، والآن العراق مع لبنان، ولا شك أن المد يزيد انتشاراً وتسارعاً. في حين
تشابهت المُسببات بكل دول الثورات، فهي ذات أشكال اقتصادية، ولكن أيضاً فقدان الحريات العامة، وانتهاك مزمن لكرامة المواطن وسرقة حقوقه.

المواطنة الجامعة

خصوصيات الدول، والتي انعكست على مفهوم هوية الشعب، قد يُعطي الانطباع بثورات مُنعزلة، الواحدة عن الأخرى، بالتالي قد تكون النتائج مُتغايرة . لكن هتافات اللبنانيين، على أنغام موسيقى الثورة السورية، أو هتافات العراقيين، وهم معظمهم شيعة، ضد الهيمنة الإيرانية، ورفض كِلا الشعبين، للطائفية، التي تُشكل بكليهما شكل وبنية النظام، يظهر السعي إلى بناء لبنان وعراق المواطنة، بدل المُحاصصة، وهو ما سيُعطي الديمقراطية بُعدها الحقيقي، فلا يمكن بناء ديمقراطية بغطاء طائفي، فنحن بهكذا نظام، لا ننتخب من هو الأفضل، أو الأكثر كفاءة، وإنما من يُمثل الطائفة لدى السلطة، هو بذلك يؤكد على الزبائنية الاقتصادية والسياسية، ولا يُؤسس لأي مفهوم للمواطنة الجامعة.
أما اعتبار النظام السياسي العراقي أو اللبناني، ضمن عائلة الأنظمة الديمقراطية، فهو تجن على تلك الأخيرة، وتحريف معانيها العميقة النبيلة، هذه الأنظمة التحاصصية، هي منبع الفساد، وأبعد ما يكون عن مفهوم المواطنة والمصلحة العامة المشتركة. ولهذا يحق إذاً لكلا الشعبين أن يثورا على هكذا وضع، وأن يعملا عن طريق رفع شعار القضاء على المحاصصة الطائفية، إلى بناء دول حديثة، كما يستحق العراقيون واللبنانيون.
الرد الآتي من كلتا السلطتين في العراق ولبنان مترابط جداً، ففي هاتين الدولتين، نجد سلطة، هي بحقيقتها امتداد لنظام إيران الديني، والساعي لأهداف خاصة به، ليس لها أدنى علاقة بخصوصيات هاتين الدولتين العربيتين. كون الجمهور الشيعي، هو العنصر الأهم بالثورة العراقية، وقد قدموا لحد الآن عشرات الشهداء، وكون المكون الشيعي في لبنان، يُشارك كباقي الشعب اللبناني بثورته، يُظهر انتهاء زمن الحرب الأهلية والانتماء الطائفي، كمصدر للعمل السياسي أو التنظيم الاجتماعي.

رمز حداثة الأمة العربية

الثورة العراقية والثورة اللبنانية، هما رمز حداثة الأمة العربية، القادم لا محالة، بمواجهة قوى الماضي المتوحشة، وهما أفضل دعم لثورة الشعب السوري، والذي قتل وهُجر لمنع أي عدوى ثورية قد تأتي منه، في اللحظة التي اعتقد بها الحكام الإيرانيون، وأتباعهم في سوريا ولبنان، أنهم تمكنوا من الانتصار على الثورة، والحفاظ على نظام السيطرة الطائفي، في الدول الثلاث، أي إيران والعراق ولبنان، وتحصينها من أي مد ثوري، قد يأتي من سوريا، بتلك اللحظة بالضبط، اختار الشعب اللبناني والشعب العراقي، أن يقولا كلمتهما الحرة، ويُعلنا أن الوعي قد حل محل الجهل، والإرادة الحرة للأفراد، محل التبعية العمياء، والأخوة بين الجميع، محل التصارع والحروب الأهلية.
إيران قائدة هذا النظام الديني، القادم من القرون الوسطى، ستصل بدورها وقريباً، إلى صحوة شعبها، وهو الذي عودنا على شدة بأسه وشجاعته، وأظهر دائماً مستوى عاليا من الوعي. أما حراك العراقيين واللبنانيين، هو من سيُغذي الآن أمل الإيرانيين بالحرية، بدل تغذية السلطة الإيرانية لأتباعها بالسلاح والرجال، لذبح أبناء الثورة السورية.
الشعب الإيراني المُحاصر من أمريكا ومن نظامه الفاسد، حيث بلغت نسبة البطالة بين شبانه ما دون الثلاثين عاماً إلى أكثر من 25 في المئة، انهيار العملة المحلية لأقل من ثلث قيمتها منذ سنوات قليلة، تفشي الفساد الحكومي والذي وضع إيران في المرتبة 138 على 180 دولة في العالم، حسب تقرير منظمة الشفافية العالمية لعام 2018، هي بوضع أسوأ مما عليه العراق ولبنان، رغم ثروات شعبها وأرضها.
التحجج بالمقاومة ضد إسرائيل، كما يفعل النظام السوري، لن تُجدي نفعاً لمنع الشعب الإيراني من نيل حقوقه، والحصار الأمريكي الظالم، لن يُعطي النظام عذرية جديدة، بعد أربعين عاماً من الفشل.
الحراك الربيعي العربي، والذي بدأ عام 2011، هو الحدث الأهم منذ بداية القرن، ولن تتمكن سياسات قوى التخلف والاستبداد الإقليمية والعالمية، من إيقاف زحفه العارم، فالحدث هو من فعل ملايين الملايين، ورد فعل الأنظمة، هو رد قلة قليلة مستبدة.

كاتب ومحلل سياسي

كلمات مفتاحية