دروس الحرب للشرق والغرب/ القدس العربي 22/03/2022

دروس الحرب للشرق والغرب

دروس الحرب للشرق والغرب

د. نزار بدران

لم تنتهي الحرب الروسية على أوكرانيا بعد، وقد تدوم طويلا. من الصعب التكهن بنتائج هذا الصراع وتأثيراته على العالم، لكننا نستطيع أن نستخلص بعض العبر من مسرى الأحداث. 

ما يهمني هنا، هو ما يحصل حالياً بالوعي الجماعي للشعوب والحكومات. فما كان مُسلماً به يوم 23 شباط، تحطم على صخرة الهجوم الروسي يوم 24. هذه المُسلمات موجودة في كل بقاع الأرض، هي تُشبه المواد المنومة، فنحن نعتقدها دائمة أبدية.

السلام الدائم

أولى هذه المُسلمات في القارة الأوروبية، هي ديمومة السلام. فمنذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، قبل أكثر من 75 عاماً، لم تشهد الساحة الأوروبية صراعات بين دولها الرئيسية تُهدد سلامها ورفاهيتها. هذا الانطباع بانتهاء زمن الحروب، خصوصاً بعد سقوط الاتحاد السوفيتي، وما تبع ذلك من تقدم اقتصادي، وتقدم تقني وعلمي في كافة المجالات، أنسى الشعوب والحكومات، الأُسس التي بُني عليها الاتحاد الأوروبي. ما أدى مثلاً، لخروج بريطانيا قبل بضعة سنوات لحماية سوق عملها من وُصول العمالة القادمة من دول أوروبا الشرقية، بشكل خاص، كذلك هو ما دفع باتجاه رفض الدستور الأوروبي في كافة الاستفتاءات، وعودة الدعوات لسيطرة الدول على حدودها، وتقوية أحزاب سياسية يمينية متطرفة، ترفع شعار القومية وحتى الخروج من الاتحاد.

الشعور بالسلام الأبدي، أصبح إذاً عائقاً أمام استكمال الوحدة الأوروبية، دافعاً نحو تحوله إلى نادي دول وشعوب غنية، لا تتقاسم مخاوف وُجودية حقيقية. هي فقط تتنافس على من يقطف ثمار الازدهار الاقتصادي.

 عادت فجأة أوروبا، إلى المفهوم المؤسس للاتحاد: إنهاء الحروب في القارة أولاً وقبل كل شيء. هو ما سيؤدي بتقديري إلى تأسيس وعي آخر بديل، يدفع بالاتجاه المعاكس، أي مزيد من الوحدة، ومزيد من القوة العسكرية، والتلاحم مع الولايات المتحدة تحت مظلة حلف شمال الأطلسي.

 بدأت ملامح هذا الاتجاه واضحة في صحوة المارد الألماني، وخروجه من عقدة القوة العسكرية، أول خطواتها هي تخصيص مئة مليار دولار، لتطوير الصناعات العسكرية. شيء كهذا كان مستحيلاً حدوثه قبل الحرب، الاتجاه العام في كافة الدول الغربية، كان نحو تقليل المصاريف العسكرية. من ناحية أخرى، بدأت دول أوروبا المحايدة بالتفكير للانتماء للاتحاد وحلف الناتو لحماية نفسها. هذا يُظهر أيضاً خطأ التحاليل السياسية التي كانت تنتظر انفراط العقد الغربي، وانحلاله لصالح القُوى النامية، خصوصاً الصين. 

أولوية الاقتصاد 

ثاني هذه المُسلمات، وهو مرتبط بالأول، هي أولوية الاقتصاد على السياسة. التنافس التجاري العالمي لكسب مزيد من الأسواق، هو ما يُحدد الخيارات السياسية، وليس العكس. تُرجم ذلك على مستوى أوروبا وأمريكا بتناسي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في دول عدة، ومنها طبعاً روسيا بوتين. لم تُعر الدول الغربية اهتماماً لتراجع الحريات العامة في الاتحاد الروسي، ولا حتى لحروبه الداخلية، وتدميره جزء من شعبه، كما فعل مع جمهورية الشيشان، ومحو عاصمتها من الوجود. كذلك تعميق مركزية الدولة على حساب حقوق الجنسيات والقوميات المُشكلة للاتحاد. وقمع المعارضة السياسية وتحييد الإعلام والسيطرة على القضاء وتزوير الانتخابات بكافة الوسائل، للوصول لبرلمان يتبع قرارات الرئيس دون أدنى اعتراض. لم يرى الأوروبيون والأمريكيون أن هذه أسبابا كافية لإعادة النظر في علاقاتهم مع بوتين، ولا حتى تدخله العسكري عام 2014، واحتلاله أجزاء من جمهورية أوكرانيا، وقبلها مناطق من جورجيا. هذه الأولوية، أي الاقتصاد قبل السياسة، هي من منع التضامن مع الشعب الروسي، الذي هو الضحية الأولى لهذا النظام.

أولوية الربح التجاري، ليس خصوصية غربية، فنحن نراها في كل دول العالم، ما سمح باستمرار قمع المعارضة بدول عدة، مثل الدول العربية، أو قمع الأقليات كما حدث ويحدث مع الأقليات المسلمة في الصين أو بورما أو الهند. 

الحرب الروسية على أوكرانيا، أفاق الغرب من نوم عميق، دعم الأنظمة الاستبدادية، ليس دوماً مصدر رفاهية، بل كما نراه الآن في الحالة الروسية، هو مصدر رعب وتهديد بحرب عالمية ثالثة.

الأزمة الحالية قد تؤدي إلى وعي جديد أيضاً، وهو العودة إلى أولوية السياسة على الاقتصاد. بناء نظام اقتصادي عالمي يأخذ بالحسبان الحكم الرشيد واحترام حقوق الإنسان في كل دول العالم، وليس فقط في الدول الغربية والديمقراطية. هذا طبعاً أمنيات طوباوية، لكن الظرف الحالي قد يكون مناسباً للدفع بهذا الاتجاه.

أوروبا والعرب

هل سيكون هناك تغييراً في السياسات الغربية تجاه القضايا العربية، أولها الحرب الروسية على سوريا منذ 2015، كذلك حق الشعب الفلسطيني بالعودة إلى وطنه والحصول على حقوقه، والحالة الأوكرانية تُذكر الجميع، بأن الشعب الفلسطيني يُعاني من ويلات الاحتلال منذ عقود عديدة، ولا يجد من يُناصره. كذلك حراك الشعوب العربية للتحرر من الأنظمة المُستبدة منذ عام 2011، وما نراه من عودة هذه الأنظمة بدعم من الدول الغربية، تحت شعار، أولوية الربح الاقتصادي على السياسة أو ما يسمى السياسة الواقعية. 

ما نراه الآن، يُشير إلى العكس، فالحاجة لحصار روسيا، تدفع أمريكا لرفع العقوبات عن النظام الإيراني المستبد، وبعض الديكتاتوريات في أمريكا اللاتينية. لكن هذا في الحقيقة هو عمل سياسي واضح الهدف، وسينتهي بمجرد انتهاء الحاجة إليه (عزل بوتين وتعويض البترول والغاز الروسي).

هذا الوعي الغربي الجديد، بأولوية السياسة على المصالح الاقتصادية، لن يُترجم إلى فعل على أرض الواقع، إلا حين تقوم شعوب البلاد المحرومة من الحرية بالدفاع عن نفسها، كما يفعل الشعب الأوكراني هذه الأيام. الانخراط في العمل النضالي، للحصول على الإصلاحات المرجُوة في كل دولة، هو من سيدفع الغرب والدول الديمقراطية، بشكل عام، نحو احترام حقوق الشعوب الأخرى. هل ستتمكن المعارضة العربية وشباب الربيع العربي من الدفع بهذا الاتجاه، مع فضح التواطؤ الغربي مع أنظمة مثل النظام المصري أو عسكر السودان والتمييز العرقي في فلسطين. 

على شعوب حوض البحر المتوسط شماله وجنوبه، أن تعي وحدة مصيرها، ازدهار الشمال لا يمكن أن يستمر إلى الأبد، على حساب فقر الجنوب، ديمقراطية الشمال على حساب دعم استبدادية الجنوب. مآسي الهجرة إلى أوروبا وانتشار الإرهاب في دول الجنوب كما في دول الشمال، هو دليل على ضرورة توحيد مصالح الجميع وليس تضاربها. مصالح دول الجنوب هي أولاً بالحصول على الحرية والديمقراطية، هذا ما على دول الشمال أن تفهمه لتتمكن من الاحتفاظ برفاهيتها وأمن مواطنيها على المدى البعيد.

الدرس الأوكراني للشعوب

الدرس الأخير لهذا الحرب، هو درس الشعب الأوكراني للشعوب العربية، الصمود والوحدة التي أبداها هذا الشعب المُذهل، واستعداده للتضحية مهما كانت التكاليف، هو الأساس في هزيمة مشروع الديكتاتور الروسي، بوتين لا يريد على حدوده، ولا حتى في العالم، أي نفس ديمقراطي.

لن نهزم أعدائنا فقط بالصياح والاستجداء وطلب الدعم والتأييد، عندما نكون نحن أنفسنا من يجلب المُحتَل لبلادنا، كما حدث في سوريا مع التواجد الإيراني والروسي، أو في العراق بعد الحرب على الكويت، وتكوين تحالف غربي عربي مسلم لاحتلال هذا البلد. نحن من جلبنا إيران إلى اليمن عن طريق الحوثيين، والروس إلى ليبيا عن طريق المُشير حفتر. هذه خصوصية عربية تاريخية، أن نجلب المُحتَل عندنا ثم نبكي منه، والمثل الفلسطيني مع اتفاقيات أوسلو والتنسيق مع إسرائيل على مستويات عدة، مع توسيع الاستيطان بنفس الوقت.

درس الشعب الأوكراني للعرب، هو أن ننهض بأنفسنا أولاً، قبل أن نطلب دعم الآخر. الرئيس زيلنسكي، رفض العرض الأمريكي بالهرب من كييف في بداية الحرب، وأظهر شجاعة لا نجدها عند معظم قيادات الأمة العربية ولا حتى معارضيها. هذا الرئيس الشاب القادم من عالم الفن، سيتمكن بشجاعة شعبه من هزيمة المشروع الروسي، ولا ننسى أن الرئيس رونالد ريغان، هو الذي أسقط الاتحاد السوفيتي، وكان في بداية حياته ممثل أفلام كوبوي فاشل. 

الشعب الأوكراني يُدعى تاريخياً بالقوزاق، والذي لم يقبل يوماً الاستعمار والتبعية لأحد، فكلمة قوزاق تعني باللغة الأوكرانية الرجال الأحرار.

الحرب الباردة الثانية وحوض المتوسط

القدس العربي 10 آذار 2022

د. نزار بدران

لن تتوقف تداعيات الغزو الروسي  لأوكرانيا، على القارة الأوروبية فقط، بل ستتجاوزها إلى أماكن كثيرة في العالم. 

بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، نتيجة ما كان يُسمى «حرب النجوم»، التي فرضها الرئيس الأمريكي، دونالد ريغان في الثمانينات، والتي هي عبارة عن سباق تسلح باهظ الثمن، لم يتمكن السوفيت من مجاراته. تصور الجميع أن ذلك يعني نهاية الحرب الباردة. ما سمح مع بداية القرن الواحد والعشرين، في انفتاح روسي اقتصادي واجتماعي، على أوروبا وأمريكا، ولكن أيضاً على بقية العالم، خالقاً نوعاً من الطبقة المستفيدة، التي استولت على الإرث السوفيتي، واستثمرته خارج روسيا، خصوصاً في الدول الغربية. 

تعايش الغرب مع هذه الوضعية، المُريحة بالنسبة له. إسكات المعارضة الروسية، التطور بالنظام السياسي الروسي، نحو انفراد بوتين بالسلطة، وعدم سماحه بوجود إمكانيات حقيقية للتغيير، مسيطراً على كل مفاصل الدولة، بما فيها القضاء والإعلام. كل ذلك، اُعتبر من طرف الغرب كوضع مقبول. وكما ادعى بعض الباحثين، فإن الروس والجنس السلافي بشكل أوسع، ليس مستعداً لتقبل الديمقراطية (كما يُقال الآن عن العرب والمسلمين)، ولم يعرفها في تاريخه قط.

تمكن الاتحاد الروسي، وريث الاتحاد السوفيتي الرسمي (لكن دون إمكانياته الاقتصادية والبشرية) من الدخول قليلاً قليلاً، مناطق العالم التي كانت سابقاً، تدور في فلك السوفيت. من هذا المنطق، رأينا عودة الروس إلى منطقة البحر المتوسط. 

لم تضع أمريكا أية عوائق لهذا الانتشار الروسي الجديد، ذلك من مُنطلق عدم وجود أهمية استراتيجية لهذه المنطقة الآن خصوصاً بعد انتهاء تداعيات هجمات نيويورك عام 2001، فالخطر الشيوعي لم يعد موجوداً، الحاجة الماسة للنفط القادم من الشرق الأوسط، لم يعد أولوية مع تحول أمريكا من دولة مُستهلكة إلى أكبر مُنتج للعالم للنفط والغاز. حماية أمن إسرائيل الاستراتيجي لها، لم يعد بهذه الضرورة، فهذه الدولة، تمكنت من فرض هيمنتها على عدد كبير من الدول والأنظمة العربية، والتي لم تعد تعتبرها عدوة، إن لم تُصبح حليفة. هذه الأسباب سمحت كما نرى، بعودة الروس لسوريا ودعم النظام البعثي. تدمير سوريا وتقتيل أهلها وتشريدهم، لم تكن تعتبره أمريكا سبباً كافياً، لتغيير سياساتها في المنطقة، خصوصاً مع وجود توافق واضح بين إسرائيل وروسيا.

انتهاء الاهتمام بالشرق الأوسط، كمنطقة استراتيجية لأمريكا، وانتقال ذلك الاهتمام إلى الصين وجنوب شرق آسيا، هو ما أدى مثلاً إلى تراجع الرئيس أوباما سنة 2013، عن معاقبة النظام السوري عسكرياً.

ما لم ينتبه إليه المعسكر الغربي، هو إمكانية العودة من جديد لأيام الحرب الباردة، خصوصاً مع انتقال معظم دول الاتحاد السوفيتي السابق، نحو أنظمة ديمقراطية، تتناقض تماماً مع شكل نظام موسكو.

الغزو الروسي لأوكرانيا بهذا الشكل الفج، ومحاولة إنهاء استقلال دولة أوروبية، من الدول السابقة للاتحاد السوفيتي، التي حصلت على استقلالها بعرق جبينها، رغم محاولات موسكو المتعددة لمنع ذلك؛ من تسميم رئيسها الأول إلى احتلال أجزاء من أوكرانيا عام 2014، تحت ذرائع عرقية. هذا أيقظ تماماً المارد الغربي من أحلامه الوردية، وأعاده إلى إمكانية الحرب الشاملة المدمرة، على الساحة الأوروبية، مع التهديد الروسي بحرب نووية.

من هذا المنطلق فإننا نرى، أن التواجد الروسي في البحر المتوسط، الذي كان مقبولاً ومسكوتاً عنه، لعدم تشكيله إزعاجاً للقوى الغربية، أصبح الآن، جزءاً من الحرب الباردة الساخنة الجديدة. 

أول مظاهر ذلك، هو عودة تركيا إلى حضن الغرب، وإغلاقها ممر الدردنيل والبوسفور، أمام السفن الروسية، وتزويدها أوكرانيا بالطائرات المُسيرة، وهي التي لم تفعل أي شيء من هذا القبيل لدعم الشعب السوري، بل أنها طورت علاقاتها مع روسيا واشترت منها منصات صواريخ س س 400 رغم معارضة أمريكا. هذه المرة، لم يحتاج الأمر إلا إلى مكالمة هاتفية واحدة من الرئيس بايدن، حتى تنخرط تركيا من جديد في التحالف مع الغرب، واضعة نفسها في موضع العدو المُحتمل لروسيا، وهدفاً لأسلحتها في حالة حرب شاملة، كما كان عليه الحال زمن الحرب الباردة الأولى. من المتوقع مقابل ذلك، أن تستعيد تركيا الدعم الأمريكي الأوروبي لاقتصادها المُتهالك، هذا ما يبحث عنه الرئيس أردوغان، في مُحاولة لاسترجاع شعبيته المُتآكلة. وما قاله الرئيس بايدن، عندما كان مرشحاً للرئاسة، بضرورة إزاحة أردوغان عن السلطة، أصبح في خبر كان.

هذه الوضعية الجديدة لتركيا، قد تسمح للشعب السوري وقواه الحية، إن استغلت الفرصة، من تحسين مواقعها في مواجهة القوات الروسية، بعد أن تراجع الاهتمام بالحرب السورية، لصالح الحرب في أوكرانيا.

هل هناك انعكاسات على القضية الفلسطينية؟ لا نظن ذلك، فالقيادة الفلسطينية مُتخبطة، ولا تملك أصلاً مشروعاً وطنياً واضحاً. إسرائيل كعادتها ستتأقلم مع الوضع الجديد مهما كان، وستكون مع الطرف الأقوى، رغم اتجاهها الطبيعي حالياً لدعم الموقف الروسي أو الحياد، بسبب الجالية الروسية الكبيرة، التي تتجاوز المليوني إسرائيلي من أصول روسية. 

نرى أيضاً، بنفس المفهوم، استعداد الغرب وأمريكا لإنهاء الملف النووي الإيراني. لكن ذلك لن يتم، إلا من منظار محاصرة موسكو. أي رفع للعقوبات عن إيران، سيهدف فقط حالياً إلى عزل روسيا، وليس إلى تخفيف الضغط على أحد حلفائها في المنطقة.

السودان بدوره، والذي حصل زمن الرئيس البشير، على دعم مجموعات المرتزقة الروس فاغنر، قدم على ما يُقال كميات كبيرة من الذهب للخزينة الروسية (رحلات حديثة لحمديتي إلى موسكو)، لحمايتها من العقوبات. قد يجد هذا البلد نفسه أيضاً من جديد، بدائرة الاهتمام الغربي. أمريكا لم تقم رغم تبجحها بالعكس، بدعم التغيير الديمقراطي السوداني، تاركة المجال للعسكر الإحكام على السلطة، بدعم من حليفتها المقربة إسرائيل. دعم هؤلاء العسكر، وخصوصاً حمديتي للروس، بفتح مناجم الذهب أمامهم، لن يبقى أمراً داخلياً سودانياً، بل سيقع على ما أظن، في دائرة العقوبات الأمريكية الغربية، ولن يكون هناك مجال للعسكر وحلفائهم الإسرائيليين، إلا الانضمام للمقاطعة أمام خطر دعم الإدارة الأمريكية، للانتقال الديمقراطي السوداني من جديد.

التقارب العسكري الروسي الجزائري، وتحالفاتهم القديمة والجديدة، وأحدثها في مالي، والتعاون الاقتصادي والعلمي ومجالات عديدة أخرى منذ سنوات طويلة، خصوصاً بعد إلغاء الديون الروسية على الجزائر عام 2006، بقيمة 4.7 مليون دولار، مقابل صفقات عديدة، منها إقامة محطة نووية لإنتاج الكهرباء، كان مُنتظرا أن ترى النور ما بين 2025-2030. التشابه بين النظامين بطبيعتهما العسكرية، وتنامي الخطر عليهما من التحولات الجارية على المستوى الاجتماعي. كل ذلك لم يكن يعني كثيراً الإدارة الأمريكية، حتى دخول الجيش الروسي لأوكرانيا.

هنالك مناطق ودول عديدة، بمنطقة البحر المتوسط وأفريقيا، يتواجد فيها الروس، دون انزعاج أمريكي، مثل أفريقيا الوسطى ومالي.

الرد الغربي الأمريكي على الغزو الروسي، سينتقل تدريجياً إلى كل هذه المناطق. فنحن عشنا الحرب الباردة الأولى، ونعرف أن وقودها كان دائماً من فقراء العالم وليس من أغنيائها. يُقدر عدد ضحايا الحرب الباردة، بين الاتحاد السوفيتي والغرب، بأكثر من ثلاثين مليون قتيل، كلهم طبعاً في الدول الفقيرة. هل نحن على أبواب حرب باردة جديدة، والعودة بمسلسل المجازر بحق شعوب «العالم الثالث». ؟